اطمئن !
والمؤمن اذا علم ان الله هو المحيط: اطمأنت نفسه وتوكل على ربه وأثناه، فهو لا يتباطأ عون الله، ولا يقنط من رحمته، ولا يقطع امله من الفرج، فإن الفرج آتيه لا محالة.
فهو يعلم ان خرق السفينة هي: قمة المعروف، وقتل الغلام هي: قمة الرحمة وحبس كنز اليتيمين هي: قمة الوفاء، ( وَكَیۡفَ تَصۡبِرُ عَلَىٰ مَا لَمۡ تُحِطۡ بِهِۦ خُبۡرا ) الكهف: 68.
لكن للأمور أوقاتا وللمقدور عمرا ً ؛ لابد أن يقضيه حتى يصل، وكل شيء عند الله بأجل مسمى، ( وَإِن تَصۡبِرُوا۟ وَتَتَّقُوا۟ لَا یَضُرُّكُمۡ كَیۡدُهُمۡ شَیۡـًٔاۗ إِنَّ ٱللَّهَ بِمَا یَعۡمَلُونَ مُحِیط ) آل عمران: 120.
فالله عز وجل جعل لكل شيء قدرا ً، وله زمنا لا يتجاوزه، ووقتا لا يتخطاه، فإذا جاء موعد المقدور فلا يستأخر عن وقته ساعة ولا يستقدم.
وللكرية وقت ثم تزول، ولها زمن ثم تحول؛ فلا يستعجل الحصول المرغوب وإزاحة المرهوب، فالأمر ليس للعبد، فإن العبد عليه بذل السبب والصبر، فنصر الله عز وجل وفرجه لا يعز على طالب في أي مكان.
إبراهيم عليه السلام يحاط به، ويأتي في النار، فتكون بردا ً وسلاما ً.
ويوسف يحيط به إخوانه، ويلقونه في الجب، ثم يحاط به مرة أخرى من امرأة العزيز ومن معها، ثم يسجن، لكن الله المحيط سبحانه وتعالى رد كيد الأعداء، فكانت إحاطتهم نصرا ً وفتحا ً ليوسف ليكون عزيزا ً على خزائن الأرض.
يحاط ببيت أم موسى عليه السلام فيلقى موسى في اليم، فكانت إحاطتهم فرجا لها وله؛ فيرجع إليها وهي مطمئنة.
يحيط فرعون بموسى ومن معه، فكانت إحاطتهم هلاك فرعون، وانتصار موسی .
يحيط الكافرون ببيت رسول الله ، فيخرج من مكة طريدا ً حزينا ً ثم يحيط الله بأعدائه، فيرجع إليها فاتحا ً منتصرا ً.
فالمؤمن كلما استشعر إحاطة الله عز وجل زاد إيمانه، وفرح بربه، وفر إليه خاضعا ً لعظمته مستسلما ً لأمره، ممتثلا ً لقوله: ( فَفِرُّوۤا۟ إِلَى ٱللَّهِۖ إِنِّی لَكُم مِّنۡهُ نَذِیر مُّبِین ) الذاريات: 50.
بك أستجير ومن يجير سواكا فأجر ضعيفا يحتمي بحماكا
إني أويت لكل مأوى في الحياة فما رأيت أعز من مأواكا
فأقبل دعائي واستجب لرجاوتي ما خاب يوما من دعا ورجاكا
اللهم! باسمك المحيط نسألك: أن تحيط أعداءنا بالعذاب من عندك، وأن تجعل لنا من كل هم فرجا ً، ومن كل ضيق مخرجا ً.