ضللت زمانا ً لست أعرف الهدى وقد كان ذاكم ظلمة في فؤاديا 

فلما أراد الله دفعي للهدى أبان سبيل الحق لي وهدانيا 

فألقيت عني ظلمة الغي والردى ويممت نورا ً للهداية باديا 

وصرت إلى دين النبي محمد رشيدا ً ومن بعد الضلالة داعيا 

من رحمة الله عز وجل بالعباد: ان جعل الهداية بيده وقد سمى الله نفسه بـ (الهادي) جل جلاله.

ونقف مع هذا الاسم ونحن نسأله: ان يهدينا الى الحق بإذنه وإلى صراط مستقيم.

يقول سبحانه وتعالى: ( وَإِنَّ ٱللَّهَ لَهَادِ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوۤا۟ إِلَىٰ صِرَ ٰط مُّسۡتَقِیم ) الحج: 54، وقال سبحانه وتعالى: ( وَكَفَىٰ بِرَبِّكَ هَادِیا وَنَصِیرا ) الفرقان: 31.

فربنا عز وجل الذي يهدي ويرشد عباده الى جلب المنافع وإلى دفع المضار، ويعلمهم ما يعلمون، ويهديهم لهداية التوفيق والتسديد، ويلهمهم التقوى، ويجعل قلوبهم منيبة إليه منقادة لأمره سبحانه وتعالى.

وهداية الله للإنسان ..

على أربعة أوجه..:

أولا ً: الهداية العامة وهي: هداية كل نفس الى مصالح معاشها وما يقيمها، وهي هداية شاملة للحيوان كله، ناطقه وبهيمه، طيره ودوابه، فصيحه وأعجمه.

ثانيا ً: هداية الإرشاد والبيان للمكلفين وهي: حجة الله عز وجل على خلقه، التي لا يعذب بها أحدا ً منهم إلا بعد إقامتها عليه.

قال سبحانه وتعالى: ( وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَیۡنَـٰهُمۡ فَٱسۡتَحَبُّوا۟ ٱلۡعَمَىٰ عَلَى ٱلۡهُدَىٰ ) فصلت: 17.

ثالثا ً: هداية التوفيق والإلهام وشرح الصدر لقبول الحق والرضا به، فالله سبحانه وتعالى قال: ( وَمَن یَهۡدِ ٱللَّهُ فَهُوَ ٱلۡمُهۡتَدِۖ ) الإسراء: 97، ( وَمَن یُؤۡمِنۢ بِٱللَّهِ یَهۡدِ قَلۡبَهُۥۚ ) التغابن: 11، ولذا: أمر الله تعالى عباده أن يسألوه الهداية بل أرشدهم إلى أن يسألوه الهداية في كل ركعة، ( ٱهۡدِنَا ٱلصِّرَ ٰطَ ٱلۡمُسۡتَقِیمَ ) الفاتحة: 6.

رابعا ً: الهداية الى الجنة والنار يوم القيامة، فالله سبحانه وتعالى قال: ( سَیَهۡدِیهِمۡ وَیُصۡلِحُ بَالَهُمۡ ) محمد: 5، ( وَقَالُوا۟ ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ ٱلَّذِی هَدَىٰنَا لِهَـٰذَا وَمَا كُنَّا لِنَهۡتَدِیَ لَوۡلَاۤ أَنۡ هَدَىٰنَا ٱللَّهُۖ ) الأعراف: 43.

وأما الهداية الى النار، فالله سبحانه وتعالى قال: ( احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ (22) مِنْ دُونِ اللَّهِ فَاهْدُوهُمْ إِلَى صِرَاطِ الْجَحِيمِ (23) ) الصافات: 22 – 23.

كلما زدت هداية زدت ارتقاء ..

والهداية: اكبر نعمة ينعم بها الهادي على عبده، وكل نعمة دونها زائلة.

فالراسخون في العلم أكثر الناس حرصا ً على هذه النعمة، وهم يدعون الله بعدم زوالها: ( رَبَّنَا لَا تُزِغۡ قُلُوبَنَا بَعۡدَ إِذۡ هَدَیۡتَنَا ) آل عمران: 8.

وإن الهداية لا نهاية لها ولو بلغ العبد فيها ما بلغ ! ففوق هدايته هداية أخرى، وفوق تلك الهداية هداية أخرى، إلى غير غاية، فكلما اتقى العبد ربه ارتقى الى هداية أخرى، فهو في مزيد هداية ما دام في مزيد من التقوى، قال سبحانه وتعالى: ( وَیَزِیدُ ٱللَّهُ ٱلَّذِینَ ٱهۡتَدَوۡا۟ هُدىۗ ) مريم: 76.

وكلما فوت حظا ً من التقوى فاته حظ من الهداية بحسبه، ومن حصل له الهدى، حصل له النعيم الأبدي، فالله سبحانه وتعالى قد قال: ( اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (6) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ ) الفاتحة: 6 – 7.

وعلامة الهداية: انشراح الصدر، قال سبحانه وتعالى: ( فَمَن یُرِدِ ٱللَّهُ أَن یَهۡدِیَهُۥ یَشۡرَحۡ صَدۡرَهُۥ لِلۡإِسۡلَـٰمِۖ ) الأنعام: 125، ومن هداه الله عز وجل فلا أحد يستطيع أن يضله والعكس صحيح، قال سبحانه وتعالى: ( وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ (36) وَمَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُضِلٍّ ) الزمر: 36 – 37.

ولذا: كان من أكثر دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: ” اللهم اني أسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى ” أخرجه مسلم، وعلم عليّا ً رضي الله عنه بقوله: ” قل: اللهم اهدني وسددني ” اخرجه مسلم.

وعلم صلى الله عليه وسلم الحسن بن علي رضي الله عنهما أن يقول في قنوت الوتر: ” اللهم ! اهدني فيمن هديت ” حديث صحيح، رواه أبو داود.

من خطورة العيش بين الطاعة والمعصية أنك لا تدري في أي فترة منهم ستكون الخاتمة.

قال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله: الذنوب من لوازم نفس الانسان، وهو محتاج إلى الهدى في كل لحظة، وهو الى الهدى أحوج منه إلى الاكل والشرب.

اقرع باب السماء !

قال عز وجل على لسان ابراهيم عليه السلام: ( وَقَالَ إِنِّی ذَاهِبٌ إِلَىٰ رَبِّی سَیَهۡدِینِ ) الصافات: 99.

اذهب الى الله بضعفك يأتيك بقوته.. اذهب الى الله بذلك يأتيك بعزه، اذهب الى الله بوحشتك يأتيك بأنسه، اذهب الى الله بفقرك يأتيك بغناه، اذهب الى الله بهمك يأتيك بفرجه، اذهب الى الله بحزنك يأتيك بفرحه.

إلهي أجرني من عذابك إنني أسير ذليل خائف لك أخضع

إلهي أذقني طعم عفوك يوم لا بنون ولا مال هنالك ينفع 

أخيرا ً..

يقول الشيرازي رحمه الله: سهرت ليلة مع ابي وحولنا نيام، فقلت: لم يقم من هؤلاء من يصلي ركعتين ! فقال: يا بني! لو نمت لكان خيرا ً لك من وقوعك في الخلق.

استقامتك لا تعطيك الحق في السخرية من ضلال غيرك، فالقلوب بين اصبعين من اصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء، فلا تغتر بعملك ولا بعبادتك، فهي منة من الله عليك، فسل الله الثبات لك والهداية لغيرك، فالله قال لنبيه خير البشر: ( وَلَوۡلَاۤ أَن ثَبَّتۡنَـٰكَ لَقَدۡ كِدتَّ تَرۡكَنُ إِلَیۡهِمۡ شَیۡـٔا قَلِیلًا ) الإسراء: 74، فكيف بك ؟؟

اللهم يا هادي ! اهدنا لما اختلف فيه من الحق بإذنك، انك تهدي من تشاء الى صراط مستقيم.

ساهم في التعريف بأسماء الله الحسنى

انت المشاهد رقم