ربك يحب المدح .. 

صح عنه صلى الله عليه وسلم انه قال: ” ولا أحد أحب إليه المدحة من الله، ومن أجل ذلك وعد الله الجنة ” رواه مسلم، وفي رواية: ” ولا أحد أحب إليه المدحة من الله، فلذلك مدح نفسه ” رواه البخاري.

قال: ” ان ربك يحب المحامد ” ولم يزدني عليه. حديث حسن.

وما بلغ المهدون نحوك مدحة وإن أطنبوا، إن الذي فيك أعظم

تمجيدنا لا يعود على الله عائده، وتقصيرنا لا يرجع على الله أثره، فالله سبحانه وتعالى غني بذاته، محمود بصفاتح لا بحمد الناس ولا بتمجيدهم له ولا بشكرهم على عطاياه.

ولكن من كرم الله عز وجل علينا أن جعل صلاح حياتنا بالشكر والثناء عليه، لتزكوا النفس وتستقيم وتطمئن إلى ربها.

إن هذه الأحرف التي أضعها بين يديك، وهذا الكتاب هو: من تمجيد الله عز وجل الذي تفضل به علينا، الذي أسأله أن يتقبله منا جميعا ً، ويجعلها لنا ذخرا ً عنده يوم نلقاه.

لك الحمد والنعماء والملك ربنا فلا شيء أعلى منك مجدا ً وأمجد 

قال سبحانه وتعالى: ( إِنَّهُۥ حَمِید مَّجِید ) هود: 73.

والمجيد: من المجد، وهو الشرف التام الكامل، والسعة والكثرة.

فربنا سبحانه وتعالى واسع الكرم، صاحب المجد، وأي مجد اعلى وأتم من مجده سبحانه وتعالى ؟

فهو الموصوف بصفات: المجد والكبرياء والعظمة والجلال، وهو اكبر من كل شيء وأعظم من كل شيء، وأجل وأعلى من كل شيء.

وربنا سبحانه وتعالى كل وصف من أوصافه عظيم شأنه، فهو العليم الكامل في كلمه، الرحيم الذي وسعت رحمته كل شيء، القدير الذي لا يعجزه شيء، الحليم الكامل في حلمه، الحكيم الكامل في حكمته.

وجميع أسمائه وصفاته كمال، لا نحصي ثناء عليه هو كما أثنى على نفسه.

لك الثناء ..

وقد مجد الله سبحانه وتعالى نفسه لكماله وعظمته وجلاله، صح في الحديث القدسي: ” انا الجبار، انا المتكبر، انا الملك، انا المتعالي: يمجد نفسه ” حديث صحيح، رواه احمد في المسند.

وربنا محمود على عظمته ومجده: ( إِنَّهُۥ حَمِید مَّجِید ) هود: 73.

وهو سبحانه وتعالى كثير الإحسان الى عباده بما يفيضه من الخيرات، وما يرزق أولياءه من تمجيده في عبوديتهم له وحده جل جلاله.

جاء في الحديث القدسي: ” وإذا قال: ( مَـٰلِكِ یَوۡمِ ٱلدِّینِ ) الفاتحة: 4، قال: مجدني عبدي ” أخرجه مسلم، وصح عنه صلى الله عليه وسلم انه كان اذا رفع رأسه من ركوعه قال: ” ربنا لك الحمد، ملء السماوات والأرض، وملء ما شئت من شيء بعد، أهل الثناء والمجد ” أخرجه مسلم.

كن معه !

ومن مجده يستمد الرسل والانبياء مجدهم، لذا سأل الصحابة رضي الله عنهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، قد عرفنا كيف نسلم عليك، فكيف نصلي عليك؟ قال: ” اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على ابراهيم وعلى آل ابراهيم، إنك حميد مجيد ” أخرجه البخاري ومسلم بنحوه.

وادي الفلاح :

والقرآن: كلام الله  سبحانه وتعالى وهو: ( قُرۡءَان مَّجِید ) البروج: 21، شريف كريم عظيم، واسع الخير والفضل والكرم.

وقد مجد الله عز وجل نفسه في قرآنه المجيد، فكانت أعظم آياته تلك التي احتوت على الثناء عليه وذكر صفاته، كآية الكرسي في سورة البقرة وهي اعظم آية في كتاب الله عز وجل ، وسورة الاخلاص وهي افضل سورة، حتى صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ” انها تعدل ثلث القرآن ” أخرجه مسلم.

ومن أعظم آياته ما يعظم به العبد ربه ويمجده هو: تلاوة كتابه في آناء الليل وأطراف النهار، والاستمساك به، وتدبره والعمل به علما ً وخشوعا ً وفهما ً.

ومن كان من أهل القرآن كان من اهل الله الذين هم أهله وخاصته، صح عنه صلى الله عليه وسلم انه قال: ” ان الله يرفع بهذا الكتاب أقواما ً، ويضع به آخرين ” أخرجه مسلم.

لقى عمر بن الخطاب نافع بن الحارث بعسفان، وكان عمر يستعمله على مكة فقال: من استعملت على اهل الوادي؟ فقال: ابن أبزي، قال: ومن ابن أبزي؟ قال: مولى من موالينا، قال: فاستخلفت عليهم مولى؟ قال: انه قارئ لكتاب الله عز وجل وإنه عالم بالفرائض.

قال عمر: اما إن نبينا صلى الله عليه وسلم قد قال: ” ان الله يرفع بهذا الكتاب أقواما ً، ويضع به آخرين ” أخرجه مسلم.

فالمجد لمن أخذ به وعمل به، والذل لمن اعرض عنه.

ومما يمجد به الرب سبحانه وتعالى: حسن الثناء عليه، تحميدا ً وتكبيرا ً وتسبيحا ً وتهليلا ً، ومن لازم ذلك فاز بخيري الدنيا والآخرة.

أخرج البخاري في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” ان لله ملائكة يطوفون في الطرق يلتمسون أهل الذكر، فإذا وجدوا قوما ً يذكرون الله تنادوا: هلموا الى حاجتكم! فيحفونهم بأجنحتهم الى السماء الدنيا.

فيسألهم ربهم وهو أعلم منهم: ما يقول عبادي ؟ قالوا: يقولون: يسبحونك ويكبرونك ويحمدونك ويمجدونك.

فيقول: هل رأوني ؟ فيقولون: لا والله ما رأوك ؟

فيقول: وكيف لو رأوني؟ يقولون: لو رأوك كانوا أشد لك عبادة وأشد لك تمجيدا ً وتحميدا ً، وأكثر لك تسبيحا ً.

يقول: فما يسألوني؟ يقولون: يسألونك الجنة.

يقول: وهل رأوها؟ يقولون: لا والله يا رب ما رأوها.

يقول: فكيف لو أنهم رأوها؟ يقولون: لو أنهم رأوها كانوا أشد عليها حرصا ً وأشد لها طلبا ً، وأعظم فيها رغبة.

قال: فممّ يتعوذون؟ يقولون من النار.

يقول: وهل رأوها؟ يقولون: لا والله يا رب ما رأوها.

يقول: فكيف لو رأوها؟ يقولون: لو أنهم رأوها كانوا أشد منها فرارا ً وأشد لها مخافة. 

فيقول: فأشهدكم أني قد غفرت لهم!

يقول ملك من الملائكة: فيهم فلان ليس منهم، إنما جاء لحاجة !

قال: هم الجلساء لا يشقي بهم جليسهم “

وإذا كان جليسهم لا يشقى، فكيف الشأن بهم ؟

العرش:

ووصف ربنا عرشه الذي استوى عليه بـ (المجيد)، فالله عز وجل لا يختار لنفسه إلا الأفضل والأتم والأكمل، ولذلك حق ان يكون مجيدا ً.

لك الحمد والنعماء والملك ربنا فلا شيء أعلى منك مجدا ً وأمجد

مليك على عرش السماء مهيمن لعزته تعنو الوجوه وتسجد 

فسبحان من لا يعرف الخلق وقدره ومن فوق العرش فرد موحد 

اللهم! باسمك المجيد نسأل: أن تغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين.

ساهم في التعريف بأسماء الله الحسنى

انت المشاهد رقم