سبحانك يا عظيم !

تنزع الملك ممن تشاء، وتفقر بعد غنى، وتخفض بعد رفعة، وتذل بعد عزة، وتضعف بعد قوة، وترفع قدر من تشاء، وتكتب التوفيق لمن تشاء، وتضع القبول لمن تشاء، وتهب لمن تشاء وتمنع من تشاء، بيدك الخير انك على كل شيء قدير. 

لا إله الا انت العظيم الحليم.

عظمت صفاتك يا عظيم فجل أن يحصي الثناء عليك فيها قائل 

العظيم عز وجل، اسم من أسماء الله الحسنى، اسم جليل لربنا العظيم، يحمل في مبناه ومعناه الجلال والعظمة والشرف والسؤدد.

بالغ الهيبة، قوي الحروف، شامخ المعنى، قال سبحانه وتعالى: ( وَهُوَ ٱلۡعَلِیُّ ٱلۡعَظِیمُ ) البقرة: 255.

والعظيم عز وجل ذو العظمة، عظيم شأنه، جليل قدره، وهو الذي جاوز حدود العقل حتى لا تتصور الاحاطة بكنهه وحقيقته.

فربنا العظيم في ذاته، ليس كمثله في عظمته..

فمن عظمته أن السماوات والارض في كفة أصغر من الخردلة، (وَمَا قَدَرُوا۟ ٱللَّهَ حَقَّ قَدۡرِهِۦ وَٱلۡأَرۡضُ جَمِیعا قَبۡضَتُهُۥ یَوۡمَ ٱلۡقِیَـٰمَةِ وَٱلسَّمَـٰوَ ٰتُ مَطۡوِیَّـٰتُۢ بِیَمِینِهِۦۚ سُبۡحَـٰنَهُۥ وَتَعَـٰلَىٰ عَمَّا یُشۡرِكُونَ ) الزمر: 67.

وصح عنه صلى الله عليه وسلم انه قال: ” ما السماوات السبع في الكرسي إلا كحلقة ملقاة بأرض فلاة، وفضل العرش على الكرسي كفضل تلك الفلاة على تلك الحلقة ” حديث صحيح، رواه ابن ابي شيبة.

هذه العظمة في الكرسي والعرش، وهي من مخلوقاته فكيف بعظمة الله عز وجل الذي له المثل الأعلى، والذي استوى على العرش وهو فوق جميع خلقه جل جلاله.

وربنا سبحانه وتعالى عظيم في صفاته، فهو الموصوع بكل صفات الكمال، عظيم في رحمته، عظيم في قدرته، عظيم في هباته وعطائه، عظيم في جماله.

جاء في الحديث القدسي: ” الكبرياء ردائي والعظمة ازاري، فمن نازعني واحدا ً منهما قذفته في النار ” حديث صحيح، رواه أبو داود.

وربنا العظيم في أفعاله لأنها تنبئ عن سعة الحكمة والعدل والفضل والمشيئة.

وهو العظيم بكل معنى يوجب التعظيم لا يحصيه من انسان

فالله عز وجل قد كمل في عظمته: ( وَمَا قَدَرُوا۟ ٱللَّهَ حَقَّ قَدۡرِهِۦ وَٱلۡأَرۡضُ جَمِیعا قَبۡضَتُهُۥ یَوۡمَ ٱلۡقِیَـٰمَةِ وَٱلسَّمَـٰوَ ٰتُ مَطۡوِیَّـٰتُۢ بِیَمِینِهِۦۚ سُبۡحَـٰنَهُۥ وَتَعَـٰلَىٰ عَمَّا یُشۡرِكُونَ ) الزمر: 67.

ارفع يديك !

لا تتعاظم عليه المسائل مهما عظمت وكثرت، صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: ” اذا دعا أحدكم فلا يقل: اللهم اغفر لي ان شئت، ولكن ليعزم المسألة وليعظم الرغبة، فإن الله لا يتعاظمه شيء أعطاه ” اخرجه البخاري ومسلم في لفظه.

وربنا عظيم في رحمته وفي مغفرته، وعظيم في حلمه وعظيم في لطفه، وجزيل كرمه، لا يتعاظمه شيء أن يغفره.

جاء في حديث الشفاعة في الصحيحين: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ” .. يا محمد ! ارفع رأسك وقل يسمع، وسل تعطه، واشفع تشفع ! فأقول يا رب: ائذن لي فيمن قال: لا اله الا الله، فيقول: وعزتي وجلالي وكبريائي وعظمتي ! لأخرجن منها من قال: لا إله إلا الله “

ولما قسا قلبي وضاقت مذاهبي جعلت رجائي نحو عفوك سلما ً

تعاظمني ذنبي فلما قرنته بعفوك ربي صار عفوك أعظما

من لاذ بالعظيم نجا ..

صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه: كان اذا دخل المسجد قال: ” أعوذ بالله العظيم وبوجهه الكريم وسلطانه القديم من الشيطان الرجيم “، قال: ” فإذا قال ذلك، قال الشيطان: حفظ مني سائر اليوم ” حديث صحيح، رواه ابو داود.

ومن عظم الله عز وجل بلسانه، فلح وثقل ميزانه يوم القيامة، صح عنه صلى الله عليه وسلم انه قال: ” كلمتان خفيفتان على اللسان، ثقيلتان في الميزان، حبيبتان إلى الرحمن: سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم ” أخرجه البخاري ومسلم.

بل أمر عباده بالتسبيح بهذا الاسم، فقال عز وجل: ( فَسَبِّحۡ بِٱسۡمِ رَبِّكَ ٱلۡعَظِیمِ ) الواقعة: 74.

وأمر النبي صلى الله عليه وسلم أمته أن يسبحوا الله بهذا الاسم في صلاتهم: ” فأما الركوع فعظموا فيه الرب جل جلاله ” أجره مسلم.

مفتاح الفرج :

اذا حلت بك كارثة وضاق صدرك وغمرك الهم، فقل: ” لا اله إلا الله العظيم الحليم، لا اله الا الله رب العرش العظيم، لا إله إلا الله رب السماوات ورب الارض، ورب العرش العظيم ” أخرجه البخاري ومسلم.

وإذا خفت من سلطان فسلطان الله اعظم، قال عبد الله بن مسعود: اللهم ! رب السماوات السبع ورب العرش العظيم، كن لي جارا ً من فلان بن فلان وأحزابه من خلائقك، ان يفرط علي أحد منهم او يطغى، عز جارك وجل ثناؤك، ولا اله إلا انت “.

وكان سبحانه وتعالى يستعيذ بعظمة الله من الخسف في الصباح والمساء، فيقول: اللهم ! اعوذ بعظمتك أن أغتال من تحتي ” حديث صحيح، رواه الترمذي، لذا من لاذ بالعظيم، وتقرب إلى العظيم، وأصبح من المتقين، نال الامن الدنيوي والأجر الاخروي، فالله عز وجل قد قال: ( وَمَن یَتَّقِ ٱللَّهَ یُكَفِّرۡ عَنۡهُ سَیِّـَٔاتِهِۦ وَیُعۡظِمۡ لَهُۥۤ أَجۡرًا ) الطلاق: 5.

وأما أعظم درجة عند الله فهي لهؤلاء الذي قال الله عز وجل فيهم: ( ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ وَهَاجَرُوا۟ وَجَـٰهَدُوا۟ فِی سَبِیلِ ٱللَّهِ بِأَمۡوَ ٰلِهِمۡ وَأَنفُسِهِمۡ أَعۡظَمُ دَرَجَةً عِندَ ٱللَّهِۚ وَأُو۟لَـٰۤىِٕكَ هُمُ ٱلۡفَاۤىِٕزُونَ ) التوبة: 20.

ومن أشرك بالله وقصر إيمانه عن عظمة الله عز وجل، فإن الجزاء من جنس العمل، وهو: جهنم أعاذنا الله منها، ( خُذُوهُ فَغُلُّوهُ (30) ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ (31) ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا فَاسْلُكُوهُ (32) إِنَّهُ كَانَ لَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ (33) ) الحاقة: 30 – 33.

كيف يعظم المسلم ربه ؟

تعظيم الله عز وجل يكون بتعظيم اسمائه وصفاته، ويكون تعظيمه في القلب بمحبته والاعتراف بعظمته والتواضع له، جاء في مسند الامام احمد: ” من تعظم في نفسه او اختال في مشيته، لقى الله وهو عليه غضبان ” حديث صحيح.

ويكون تعظيم الله عز وجل باللسان وكثرة ذكره، ( فَسَبِّحۡ بِٱسۡمِ رَبِّكَ ٱلۡعَظِیمِ ) الواقعة: 74.

ويكون تعظيم الله عز وجل في الجوارح باستخدامها في طاعته، فتعظيمه أن يطاع فلا يعصى، ويذكر فلا ينسى، ويشكر فلا يكفر.

ومن تعظيم الله عز وجل: تعظيم رسله وملائكته ومناسكه، كالصلاة والزكاة والصيام والحج والعمرة، وغيرها من شعائر دينه وأحكامه، (ذَ ٰلِكَۖ وَمَن یُعَظِّمۡ شَعَـٰۤىِٕرَ ٱللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقۡوَى ٱلۡقُلُوبِ ) الحج: 32.

ومن تعظيمه سبحانه وتعالى، تعظيم كتابه العزيز، فالله سبحانه وتعالى قد قال واصفا ً كتابه العزيز بالعظيم: ( وَلَقَدۡ ءَاتَیۡنَـٰكَ سَبۡعا مِّنَ ٱلۡمَثَانِی وَٱلۡقُرۡءَانَ ٱلۡعَظِیمَ ) الحجر: 87.

ومن تعيظمه سبحانه وتعالى: تعظيم حرماته، وحرمات المؤمنين، ( ذَ ٰلِكَۖ وَمَن یُعَظِّمۡ حُرُمَـٰتِ ٱللَّهِ فَهُوَ خَیۡر لَّهُۥ عِندَ رَبِّهِۦۗ  ) الحج: 30.

ومن تعظيمه سبحانه وتعالى ألا يقدم العبد على كلام ربه كلام احد، مهما كانت مكانته: ( یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تُقَدِّمُوا۟ بَیۡنَ یَدَیِ ٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦۖ وَٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَۚ إِنَّ ٱللَّهَ سَمِیعٌ عَلِیم ) الحجرات: 1.

يا فاطر الخلق البديع وكافلا ً رزق الجميع سحاب جودك هاطل 

عظمت صفاتك يا عظيم فجل أن يحصي الثناء عليك فيها قائل 

ها قد أتيت وحسن ظني شافعي ووسائلي ندم ودمع سائل 

فاغفر لعبدك ما مضى وارزقه تو فيقا ً لما ترضى ففضلك كامل 

وافعل به ما أنت أهل جميله والظن كل الظن أنك فاعل

أسأل الله العظيم، أن يجعلنا من المتقين الفائزين بجنات النعيم.

ساهم في التعريف بأسماء الله الحسنى

انت المشاهد رقم