تلك الطبيعة قف بنا يا ساري حتى أريك بديع صنع الباري 

الارض حولك والسماء اهتزتا لروائع الآيات والآثار 

سبحان من خلق الوجود مصورا ً تلك الدمى ومقدر الأقدار 

من الذي خلق السماوات والأرض ؟ من الذي خلق الحب والنوى ؟ من الذي فلق الإصباح، وجعل الليل سكنا ً والشمس والقمر حسبانا ً ؟ من الذي بدأ خلق الإنسان من طين ؟ من الذي أنشأ الخليقة من نفس واحدة ؟ من الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى ؟

( هَـٰذَا خَلۡقُ ٱللَّهِ فَأَرُونِی مَاذَا خَلَقَ ٱلَّذِینَ مِن دُونِهِۦۚ  ) لقمان: 11 .

سبحان من بهرت عظمته عقول العارفين !

سبحان من ظهرت بدائعه لنواظر المتأملين !

سبحان من بهرت أنواره بصائر السالكين !

( فَتَبَارَكَ ٱللَّهُ أَحۡسَنُ ٱلۡخَـٰلِقِینَ ) المؤمنون: 14 .

نقف مع اسمين من أسماء الله وهما: الخالق والخلاّق جل جلاله:

قال عز وجل : ( إِنَّ رَبَّكَ هُوَ ٱلۡخَلَّـٰقُ ٱلۡعَلِیمُ ) الحجر: 86، وقال: ( هُوَ ٱللَّهُ ٱلۡخَـٰلِقُ ٱلۡبَارِئُ ٱلۡمُصَوِّرُۖ  ) الحشر: 24 .

وربنا الذي أوجد الأشياء جميعها بعد أن لم تكن موجودة، وقد ابدعها على غير مثال سابق، وأفعال الله عز وجل مقدرة على مقدار ما قدرها عليه.

عظمة الخالق ..

كل ما في الكون خلقه، وهو ناطق معترف بألوهيته وربوبيته، وكل ما تراه حولك وما لا تراه دليل على الله فهو الذي خلق جميع الموجودات وبرأها وسواها بحكمته، وصورها بحكمته، وهو لم يزل ولا يزال على هذا الوصف العظيم.

كسا العظام لحما ً واللحم جلدا ً، وألبس البهائم صوفا ً ووبرا ً ونفع الروح في الجنين وهو في بطن أمه، ثم أخرجه ورزقه وحفظه وعلمه، وخلق الإنسان في أحسن تقويم، وجعل له عينين ولسانا ً وشفتين، وهداه النجدين، ( الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ (7) فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ (8) ) الانفطار: 7 – 8 ، ( فَتَبَارَكَ ٱللَّهُ أَحۡسَنُ ٱلۡخَـٰلِقِینَ ) المؤمنون: 14 .

وكذلك يشهد أنه سبحانه الخلاّق باعث هذه الأبدان

ربنا عز وجل خلق الخلق ليعرفوه ويعبدوه ( وَمَا خَلَقۡتُ ٱلۡجِنَّ وَٱلۡإِنسَ إِلَّا لِیَعۡبُدُونِ ) الذاريات: 56 .

تناغم الكون ..

وجميع المخلوقات لم تخلق لهوا ً او عبثا ً أو لعبا ً تنزه الله وتقدس عن ذلك، قال الله تعالى ( وَمَا خَلَقۡنَا ٱلسَّمَاۤءَ وَٱلۡأَرۡضَ وَمَا بَیۡنَهُمَا لَـٰعِبِینَ ) الأنبياء 16  .

فالموجودات بأسرها شواهد صفات الرب ونعوته عز وجل، فهي كلها تشير إلى الأسماء الحسنى وحقائقها وتناديها وتدل عليها.

تأمل سطور الكائنات فإنها من الملك الأعلى إليك رسائل

وقد خط فيها لو تأملت خطها ألا كل شيء ما خلا الله باطل

تشير بإثبات الصفات لربها فصامتها يهدي ومن هو قائل

قال الله عز وجل : ( إِنَّا كُلَّ شَیۡءٍ خَلَقۡنَـٰهُ بِقَدَر ) القمر: 49 .

يقول الأطباء: إن فتحة الحنجرة قد قدرت تقديرا ً دقيقا ً جدا ً حيث لو اتسعت قليلا جدا أكثر مما هي عليه لاختفى صوت الإنسان ولو ضاقت قليلا ً جدا أكثر مما هي عليه لأصبح التنفس عسيرا ً، فإما أن يكون التنفس مريحا ً ويختفي الصوت، أو أن يكون الصوت واضحا ً ويصعب التنفس.

( صُنۡعَ ٱللَّهِ ٱلَّذِیۤ أَتۡقَنَ كُلَّ شَیۡءٍۚ إِنَّهُۥ خَبِیرُۢ بِمَا تَفۡعَلُونَ ) النمل: 88 .

لو أن الرؤية زادت عن حدها الذي هي عليه لأصبحت حياتنا جحيما ً !

إنك إذا نظرت إلى كأس الماء الذي تشربه الآن تراه صافيا ً عذبا ً فراتا ً رائقا ً، لو أن قوة البصر زادت قليلا ً ودقت أكثر مما هي عليه لرأيت في هذا الكأس العجب العجاب ! لرأيت الكائنات الحية والجراثيم غير الضارة بعدد لا يحصى، إنك لن تشرب الماء بعدها، ( إِنَّا كُلَّ شَیۡءٍ خَلَقۡنَـٰهُ بِقَدَر ) القمر: 49 .

ولو أن قوة السمع ارتفع مستواها قليلا ً لما أمكنك أن تنام الليل، لأن الأصوات كلها تتلقفها، بل إن أصوات جهاز الهضم في معدتك وحده تكاد تكون كالمعمل الكبير، ( إِنَّا كُلَّ شَیۡءٍ خَلَقۡنَـٰهُ بِقَدَر ) القمر: 49 .

ولو أن حاسة اللمس زادت لشعرت بالكهرباء الساكنة تحول حياتك جحيما ً لا يطاق، ( وَفِیۤ أَنفُسِكُمۡۚ أَفَلَا تُبۡصِرُونَ ) الذاريات: 21 .

( هَـٰذَا خَلۡقُ ٱللَّهِ فَأَرُونِی مَاذَا خَلَقَ ٱلَّذِینَ مِن دُونِهِۦۚ  ) لقمان: 11 .

وتعجب من بعض ذوي الفطر المنكوسة، والأنفس المريضة ! يجادلون في الله مع أنه مغروس في ضمائرهم: ( وَجَحَدُوا۟ بِهَا وَٱسۡتَیۡقَنَتۡهَاۤ أَنفُسُهُمۡ ) النمل: 14.

( وَلَىِٕن سَأَلۡتَهُم مَّنۡ خَلَقَ ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ لَیَقُولُنَّ ٱللَّهُۚ قُلِ ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِۚ بَلۡ أَكۡثَرُهُمۡ لَا یَعۡلَمُونَ ) لقمان: 25 .

اطمئن !

والمؤمن يعلم أنه عزيز بالخالق، فتطمئن نفسه ويعلم أن الذي خلقه لن يهمله وأن الله حافظه، وأنه على خير في ضرائه وسرائه، وفي غناه وفقره، وفي شدته ورخائه، ( أَلَاۤ إِنَّ أَوۡلِیَاۤءَ ٱللَّهِ لَا خَوۡفٌ عَلَیۡهِمۡ وَلَا هُمۡ یَحۡزَنُونَ ) يونس: 62 .

اللهم ! إنا نسألك باسمك الخالق أن تجعلنا من أوليائك. 

ساهم في التعريف بأسماء الله الحسنى

انت المشاهد رقم