جاء في صحيح البخاري: أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بأصحابه مرة فرفع رأسه من الركوع، فقال: سمع الله لمن حمد !، قال رجل وراءه، ربنا ولك الحمد حمدا ً كثيرا ً طيبا ً مباركا ً فيه، فلما انصرف، قال: من المتكلم ؟ قال: انا، قال: رأيت بضعة وثلاثين ملكا ً يبتدرونها أيهم يكتبها الأول، قال: كيف لا يبتدرونها والله يحب الحمد ؟؟

لك الحمد حمدا ً نستلذ به ذكرا ً وإن كنت لا أحصي ذثاء ولا شكرا ً 

أثنى الله على ذاته العلية بقوله: ( وَهُوَ ٱلۡوَلِیُّ ٱلۡحَمِیدُ ) الشورى: 28 . 

فربنا جل جلاله المحمود في ذاته وأسمائه وصفاته وأفعاله، فله من الأسماء أحسنها ومن الصفات أكملها، ومن الأفعال أتمها وأحسنها .

وربنا جل جلاله المحمود فإنه أكمل الشرائع وأنفعها لكل الخلائق.

وربنا جل جلاله المحمود على وحدانيته، وتعاليه عن الشريك والنظير والولي من الذل، قال تعالى: ( وَقُلِ ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ ٱلَّذِی لَمۡ یَتَّخِذۡ وَلَدا وَلَمۡ یَكُن لَّهُۥ شَرِیك فِی ٱلۡمُلۡكِ وَلَمۡ یَكُن لَّهُۥ وَلِیّ مِّنَ ٱلذُّلِّۖ وَكَبِّرۡهُ تَكۡبِیرَۢا ) الإسراء: 111 .

وربنا جل جلاله محمود بكل لسان، وعلى كل حال فجميع المخلوقات ناطقة بحمده من الجمادات والناطقات، في جميع الأوقات على آلائه وإنعامه، وعلى كماله وجلاله، قال تعالى: ( تُسَبِّحُ لَهُ ٱلسَّمَـٰوَ ٰتُ ٱلسَّبۡعُ وَٱلۡأَرۡضُ وَمَن فِیهِنَّۚ وَإِن مِّن شَیۡءٍ إِلَّا یُسَبِّحُ بِحَمۡدِهِۦ وَلَـٰكِن لَّا تَفۡقَهُونَ تَسۡبِیحَهُمۡۚ إِنَّهُۥ كَانَ حَلِیمًا غَفُورا ) الإسراء: 44 .

فربنا جل جلاله المستحق للحمد بجميع صيغه وصوره، ولو لم يحمدوه فهو أهل الحمد بفضله وجوده وعطائه ورحمته.

ولا يحمد على الأحوال كلها سواه .

تذلل لمولاك !

وجعل سبحانه وتعالى الحمد لنفسه دون غيره، ونهى أن يمدح المرء نفسه، فقال ( فَلَا تُزَكُّوۤا۟ أَنفُسَكُمۡۖ ) النجم: 32 .

فربنا سبحانه وتعالى يحمد نفسه ليعرفنا عليه ولكي نصل بالحمد إليه ونقبل عليه، ونطمع في مغفرته، ونطمع في عطائه ونطمع كذلك في جنته.

فأي كرم هذا ؟ يوفقك لفعل الخيرات ويحمدك عليها ؟؟ ( وَنُودُوۤا۟ أَن تِلۡكُمُ ٱلۡجَنَّةُ أُورِثۡتُمُوهَا بِمَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ ) الأعراف: 43 ، فإذا أراد ربك إظهار فضله عليك خلق الفضل ونسبه إليك، أعطاك مالا ً وأعطيب من هذا المال، وبعد هذا يحمدك الله جل جلاله على إنفاقك والمال منه !

وربنا سبحانه وتعالى من لطفه بنا، نوع حمده، ليعرف كيف يحمد الله ويثني عليه فقال جل جلاله: ( ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ رَبِّ ٱلۡعَـٰلَمِینَ ) الفاتحة: 2 ، وقال: ( ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ ٱلَّذِی خَلَقَ ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ وَجَعَلَ ٱلظُّلُمَـٰتِ وَٱلنُّورَۖ ثُمَّ ٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ بِرَبِّهِمۡ یَعۡدِلُونَ ) الأنعام: 1 .

لك الحمد ..

وأعظم صفة في المؤمنين أنهم يحمدون الله جل جلاله في كل حين، في السراء والضراء، لأنهم يعلمون أن فعل الله عز وجل كله حكمة وخير لهم.

صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: ” إذا مات ولد العبد قال الله لملائكته، قبضتم ولد عبدي ؟ فيقولون نعم، فيقول: قبضتم ثمرة فؤاده؟ فيقولون: نعم، فيقول: ماذا قال عبدي؟ فيقولون: حمدك واسترجع، فيقول الله تعالى: ابنوا لعبدي بيتا ً في النة وسموه بيت الحمد ” رواه الترمذي.

ولذا: من أفضل الذكر قول العبد ( الحمدلله ) قال الله تعالى: ( فَٱصۡبِرۡ عَلَىٰ مَا یَقُولُونَ وَسَبِّحۡ بِحَمۡدِ رَبِّكَ قَبۡلَ طُلُوعِ ٱلشَّمۡسِ وَقَبۡلَ ٱلۡغُرُوبِ ) ق: 39 .

صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: ” من قال سبحان الله وبحمده في يوم مائة مرة، حطت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر ” أخرجه البخاري ومسلم.

ولما سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي الكلام أفضل ؟

قال: ” ما اصطفى الله لملائكته أو لعباده: سبحان الله وبحمده ” أخرجه مسلم ، والحمد يكون باللسان والقلب والأعضاء.

روى الطبراني في المعجم الكبير عن النبي صلى الله عليه وسلم: ” إن أفضل عباد الله يوم القيامة، الحمّادون ” صحيح.

لك الحمد حمدا ً طيبا ً يملأ السما وأقطارها والارض والبر والبحرا

لك الحمد حمدا ً سرمديا ً مباركا ً يقل مداد البحر عن كنهه حصرا ً

لك الحمد يا ذا الكبرياء ومن يكن بحمدك ذا شكر فقد أحزر الشكرا

اللهم ! لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك.

ساهم في التعريف بأسماء الله الحسنى

انت المشاهد رقم