يا من مل من الحياة وسئم العيش وضاق ذرعا ً بالايام وذاق الغصص ؟ ان هناك فتحا ً مبينا ً ونصرا ً قريبا ً وفرجا ً بعد شدة، ويسرا ً بعد عسر، إن هناك لطفا ً خفيا ً من بين يديك ومن خلقك، وإن هناك أملا ً مشرقا ً ومستقبلا ً حافلا ً، ووعدا ً صادقا: ( وَعۡدَ ٱللَّهِۖ لَا یُخۡلِفُ ٱللَّهُ وَعۡدَهُۥ ) الروم: 6.

إن لضيقك مع الفتاح فرجة وكشفا ً ولهمك مع الفتاح أنسا ً.

قال الله سبحانه وتعالى عن نفسه: ( وَهُوَ ٱلۡفَتَّاحُ ٱلۡعَلِیمُ ) سبأ: 26.

فربنا سبحانه وتعالى يفتح مغاليق القلوب بالهدى والايمان والتقى.

وربنا سبحانه وتعالى هو الذي يفتح ويحكم ويقضي بين عباده بالحق في الآخرة، حكما ً لا جور فيه ولا جنف ولا ظلم، ولكنه عدل وحق والله خير الفاتحين.

( قُلۡ یَجۡمَعُ بَیۡنَنَا رَبُّنَا ثُمَّ یَفۡتَحُ بَیۡنَنَا بِٱلۡحَقِّ وَهُوَ ٱلۡفَتَّاحُ ٱلۡعَلِیمُ ) سبأ: 26.

وربنا سبحانه وتعالى يكشف الغمة عن عباده ويسرع بالفرج، ويرفع الكرب ويزيل الضراء ويفيض بالرحمة، ويفتح أبواب الرزق ويفتح لعباده في شؤون دنياهم ما يصلح به عيشهم وتستقيم حياتهم، ( مَّا یَفۡتَحِ ٱللَّهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحۡمَة فَلَا مُمۡسِكَ لَهَاۖ وَمَا یُمۡسِكۡ فَلَا مُرۡسِلَ لَهُۥ مِنۢ بَعۡدِهِۦۚ وَهُوَ ٱلۡعَزِیزُ ٱلۡحَكِیمُ ) فاطر: 2.

وربنا سبحانه وتعالى هو الذي فتح أبواب العلم والحكمة والمعرفة والبصيرة لأنبيائه وأوليائه وعباده الصالحين: ( وَٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَۖ وَیُعَلِّمُكُمُ ٱللَّهُۗ وَٱللَّهُ بِكُلِّ شَیۡءٍ عَلِیم ) البقرة: 282.

وربنا سبحانه وتعالى الذي فتح الممالك والأمصار لعباده الصالحين المؤمنين، ( إِنَّا فَتَحۡنَا لَكَ فَتۡحا مُّبِینا ) الفتح: 1.

وربنا عز وجل هو الذي يفتح بأنواع النعم للعاصين، استدراجا ً لهم: ( فَلَمَّا نَسُوا۟ مَا ذُكِّرُوا۟ بِهِۦ فَتَحۡنَا عَلَیۡهِمۡ أَبۡوَ ٰبَ كُلِّ شَیۡءٍ حَتَّىٰۤ إِذَا فَرِحُوا۟ بِمَاۤ أُوتُوۤا۟ أَخَذۡنَـٰهُم بَغۡتَة فَإِذَا هُم مُّبۡلِسُونَ ) الأنعام: 44.

وكذلك الفتاح من أسمائه والفتح في أوصافه أمران 

فتح بحكم وهو شرع إلهنا والفتح بالاقدار فتح ثاني 

والرب فتاح بذين كليهما عدلا ً وإحسانا ً من الرحمن

حقيقة ..

ذكرت في التعريف ما ذكره العلماء من تعريف لاسم الله (الفتاح) وهو تعريف شامل، لكن في هذه السطور سأقف عند قوله تعالى ( مَّا یَفۡتَحِ ٱللَّهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحۡمَة فَلَا مُمۡسِكَ لَهَاۖ وَمَا یُمۡسِكۡ فَلَا مُرۡسِلَ لَهُۥ مِنۢ بَعۡدِهِۦۚ وَهُوَ ٱلۡعَزِیزُ ٱلۡحَكِیمُ ) فاطر: 2.

حقيقة لا بد ان يتذكرها المؤمن على الدوام، وهي: أنه لا عبور لأي رغبة الا عن طريق الله عز وجل ولا وجود لأي حاجة إلا في ساحة الله عز وجل، ولا إمكانية لحدوث شيء إلا بالله عز وجل، فإنه وحده الذي لا حول في الوجود ولا قوة إلا به عز وجل.

ولا يمكن لخلية ان تتحرك ولا لذرة أن تكون، ولا لقطرة ان تتبخر، ولا لورقة شجر ان تسقط إلا بحوله وقوته عز وجل.

ولا يستطيع العالم كله أن يمسك بسوء لم يرده الله عز وجل، ولا يستطيع العالم كله أن يدفع عنك سوءا ً قدره الله عز وجل.

كتب بعض السلف لأخ له: أما بعد فإن كان الله معك فمن تخاف؟ وإن كان عليك فمن ترجو ؟

المفاتيح بيده ..

يحتاج المريض الى الشفاء بعد أن أوجعته الآلام، وأتعبته الأوجاع وضاقت به الدنيا وعجز عنه الاطباء، وأغلق باب الدواء دونه، فإذا بالرحمن الفتاح العليم الشافي يشفيه بسبب، أو بأضعف سبب، أو بأقرب سبب، أو بلا سبب.. انه الفتاح عز وجل.

تهمشك الظروف وتتواطأ ضدك الكروب، وتتكالب عليك الأزمات وتتزاحم في قلبك الآلام، ويغلق الباب بدونك حتى تظن ان ليس لهذا الهم والغم كاشفة فإذا بالفتاح يرسل إليك فتحه بأيسر الأمور، وتتم إرادته على ما يشاء.

يدركك الفقر وتغشاك الديون وتتغير ملامحك وينكسر قلبك عندما تذكر أبناءك، وتخشى من صاحب الدين ويحار فكرك، وتتشتت أفكارك، ويغلق الباب دونك.

هنا يرسل الفتاح عز وجل بفرج خفي، فيقضي الدين وينقشع الفقر، وتسر النفس .. إنه الفتاح الذي فتح أبواب الرزق.

يغيب الابن ويسافر الوالد، ويذهب الحبيب والصديق، ويؤسر العالم فتضيق النفس وتتشتت الافكار ويرجف القلب كلما تذكر الغائب، وهنا ينطرح المؤمن عند باب الملك الفتاح، سائلا ً أن يرد الغائب ويحفظه، سواء أكان أسيرا ً ام مسافرا ً، فإذا بالبشرى من فوق سبع سماوات بقدوم الغائب وفك الأسير، ورد الحبيب، ( أَمَّن یُجِیبُ ٱلۡمُضۡطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَیَكۡشِفُ ٱلسُّوۤءَ ) النمل: 62.

أقبل عليه !

انه الفتاح العليم عز وجل، فما أعظم شأنه وأعلى مكانه، وأقربه من خلقه وألطفه بعباده.

فباب الفتاح مفتوح، فإذا رأيت الحبل يشتد فاعلم انه سينقطع وإذا اشتد الظلام فأبشر بصبح قريب، لا تضق ذرعا مع الرب الكريم الفتاح، فمن المحال دوام الحال، وأفضل العبادة: انتظار الفرج، والأيام دول والدهر قلب، والليالي حبالى والغيب مستور، والفتاح ( كُلَّ یَوۡمٍ هُوَ فِی شَأۡن ) الرحمن: 29، و ( لَعَلَّ ٱللَّهَ یُحۡدِثُ بَعۡدَ ذَ ٰلِكَ أَمۡرا ) الطلاق: 1، ( فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (5) إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (6) ) الشرح: 5 – 6.

قل للطبيب تخطفته يد الردى من يا طبيب بطبه أرداكا ؟

قل للمريض نجا وعوفي بعدما عجزت فنون الطب: من عافاكا ؟

قل للصحيح يموت لا من علة: من بالمنايا يا صحيح دهاكا ؟

هذي عجائب طالما أخذت بها عيناك وأنفتحت بها أذناكا 

يا أيها الانسان مهلا ً ما الذي بالله جل جلاله أغراكا ؟

فتح خاص ..

الأرزاق من الفتاح قد قسمت، فرب رجل فتح له في اطالة الصلاة ولم يفتح له في كثرة الصوم، وآخر فتح له في الصدقة ولم يفتح له في العلم، والآخر فتح له في القرآن ولم يفتح له في أعمال البر، وآخر فتح له باب بر والديه، فهنيئا ً لمَ فُتح عليه.

فإذا أحب الله باطن عبده ظهرت عليه مواهب الفتاح 

وإذا صفت لله نية مصلح مال العباد عليه بالأرواح

اللهم ! افتح علينا من بركات الارض والسماء، وافتح لنا ابواب رحمتك اجعلنا مفاتيح خير مغاليق شر، يا فتاح يا عليم !

ساهم في التعريف بأسماء الله الحسنى

انت المشاهد رقم