الرَّبْ

طرق الباب ..

يا رب! نسألك بعزك وذلنا، وبقوتك وضعفنا، وبغناك عنا وفقرنا إليك، نواصينا الكاذبة الخاطئة بين يديك، عبيدك سوانا كثير وليس لنا رب سواك، لا ملجأ ولا منجى منك إلا إليك.

نسألك مسألة المسكين، ونبتهل إليك ابتهال الخاضع الذليل وندعوك دعاء الخائف الضرير.

سؤال من خضعت لك رقابهم لك أنوفهم، وفاضت لك عيونهم، وذلك لك قلوبهم، أن تغغر لنا ولجميع المسلمين وتدخلنا في رحمتك يا أرحم الراحمين.

بمن يستغيث العبد إلا بربه ومن للفتى عند الشدائد والكرب 

ومن مالك الدنيا ومالك أهلها ومن كاشف البلوى على البعد والقرب

ومن يدفع الغماء وقت نزولها وهل ذاك إلا من فعالك يا ربي 

في هذه السطور نتشرف بالكلام عن اسم من أسماء الله الحسني، وهو الرب:

قال جل جلاله: ( رَبُّ ٱلۡمَشۡرِقَیۡنِ وَرَبُّ ٱلۡمَغۡرِبَیۡنِ ) الرحمن: 17، وقال أيضا ً (سَلَـٰم قَوۡلا مِّن رَّبّ رَّحِیم ) يس: 58.

فربنا الخالق المالك المدبر المتصرف، رب الأرباب ومعبود العباد يملك الممالك والملوك وجميع العباد، وهو الذي دبر لخلقه مصالحهم، وهو جابرهم والقائم بأمورهم إنسهم وجنهم، قيوم الدنيا والآخرة.

وربوبيته لخلقه نوعان:

ربوبية عامة: تشمل جميع الخلائق برهم وفاجرهم، مؤمنهم وكافرهم، حتى الجمادات.

وهي: أن يربيهم بالخلق والرزق والتدبير، والإنعام والعطاء.

وربوبية خاصة: وهي تربيته عز وجل لأوليائه وأصفيائه فيربهم بالإيمان ويوفقهم له ويصلح قلوبهم وأرواحهم وأخلاقهم، ويخرجهم من الظلمات إلى النور.

وهي: تربية توفيق لكل خير وعصمة من كل شر.

لك الثناء كله ..

وربنا عز وججل امتدح نفسه بأنه رب العالمين: ( ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ رَبِّ ٱلۡعَـٰلَمِینَ ) الفاتحة: 2.

ومدح نفسه بأنه رب العرش، قال عز وجل: ( سُبۡحَـٰنَ رَبِّ ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ رَبِّ ٱلۡعَرۡشِ عَمَّا یَصِفُونَ ) الزخرف: 82 ، ( ٱللَّهُ لَاۤ إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ ٱلۡعَرۡشِ ٱلۡعَظِیمِ ۩ ) النمل: 26 .

ومدح نفسه بأنه رب السماوات والأرض، فقال تعالى: ( سُبۡحَـٰنَ رَبِّ ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ رَبِّ ٱلۡعَرۡشِ عَمَّا یَصِفُونَ ) الزخرف: 82 .

ولذا حمدت جميع المخلوقات الرب جل جلاله: ( وَقِیلَ ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ رَبِّ ٱلۡعَـٰلَمِینَ ) الزمر: 75 ، فهو محمود في الدنيا والآخرة: ( دَعۡوَىٰهُمۡ فِیهَا سُبۡحَـٰنَكَ ٱللَّهُمَّ وَتَحِیَّتُهُمۡ فِیهَا سَلَـٰمۚ وَءَاخِرُ دَعۡوَىٰهُمۡ أَنِ ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ رَبِّ ٱلۡعَـٰلَمِینَ ) يونس: 10 .

مفاتيح الخزائن ..

ولما علم الأنبياء والصالحون بأن هذا الاسم مفتاح الدعاء، تضرعوا إلى الله به في دعائهم.

دعا به نوح عليه السلام: ( رَّبِّ ٱغۡفِرۡ لِی وَلِوَ ٰلِدَیَّ وَلِمَن دَخَلَ بَیۡتِیَ مُؤۡمِنا وَلِلۡمُؤۡمِنِینَ وَٱلۡمُؤۡمِنَـٰتِۖ ) نوح: 28 .

ودعا به إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام: ( رَبَّنَا تَقَبَّلۡ مِنَّاۤۖ إِنَّكَ أَنتَ ٱلسَّمِیعُ ٱلۡعَلِیمُ ) البقرة: 127 .

ودعا به المصطفى صلى الله عليه وسلم: ( وَقُل رَّبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ (97) وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَن يَحْضُرُونِ (98) ) المؤمنون: 97 – 98 

يا رب !

والنبي صلى الله عليه وسلم كان إذا حزبه أمر، وحل به كرب يقول: ” لا إله إلا الله العظيم الحليم، لا إله إلا الله رب العرش العظيم، لا إله إلا الله رب السماوات ورب الأرض ورب العرش العظيم ” أخرجه البخاري ومسلم.

ومن لم يدع بأسماء الرب عز وجل اختيارا ً رجع إليها اضطرارا ً، فها هو المريض على فراشه، وهو يصارع المرض ينادي، يا رب .. يا رب ! فإذا العافية تدلف من لدنه، وإذا الشفاء ينزل من عنده جل جلاله.

ويتضرع باسمه الفقير: الذي لا يملكه قطميرا، يتنهد من البؤس ويصيح من الفاقة: يا رب .. يا رب ! فإذا به يرفع عنه الحاجة، ويكشف الضائقة من عنده وحده عز وجل.

وينادي الجائع وهو يتضور جوعا ً، ويتلوى من الضر: يا رب .. يا رب ! فإذا بالرزق يغمره وعطاء الله ينهمر عليه.

ويستجير به المظلوم وهو يمسح دمعته الحارة، ويخفي أنينه الساخن، يا رب .. يا رب ! فإذا النصر الأكبر والعافية الحميدة .

قال الحافظ ابن رجب رحمه الله : الإلحاح على الله بتكرير ذكر ربوبيته من أعظم ما يُطلب به إجابة الدعاء.

يا رب نفس عن عبيدك كربة وأرحه مما قد عنا ودهاه 

وننسى الرب !!

فما أعظم شأنه وأفخم ملكه، وأعلى مكانه وأقربه من خلقه، وألطفه بعباده.

وربوبية الله عز وجل: ربوبية عظمة وجلال: ( سَبِّحِ ٱسۡمَ رَبِّكَ ٱلۡأَعۡلَى ) الأعلى: 1 .

وربوبية الله عز وجل: ستر ومغفرة، ( بَلۡدَة طَیِّبَة وَرَبٌّ غَفُور ) سبأ: 15.

وربوبية الله عز وجل: بركة ونماء وعطاء، ( تَبَارَكَ ٱللَّهُ رَبُّ ٱلۡعَـٰلَمِینَ ) الأعراف: 54 .

وربوبية الله عز وجل: عزة وقوة وغلبة ومنعة، ( رَبُّ ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَمَا بَیۡنَهُمَا ٱلۡعَزِیزُ ٱلۡغَفَّـٰرُ ) ص: 66 .

وربوبية الله عز وجل: رحمة، ( رَّبِّ ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَمَا بَیۡنَهُمَا ٱلرَّحۡمَـٰنِۖ  ) النبأ: 37 .

وربوبية الله عز وجل: كرم، ( یَـٰۤأَیُّهَا ٱلۡإِنسَـٰنُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ ٱلۡكَرِیمِ ) الإنفطار: 6.

لا إله إلا الله الواحد الأحد، ما عبدناك ربنا حق العبادة !

فمن عرف أن الله هو: رب الأرباب جل جلاله لم يطلب غير الله ربا ً له، ورضي بربوبيته، ومن رضى ذاق حلاوة الغيمان فقد صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: ” ذاق طعم الإيمان من رضي بالله ربا ً وبالإسلام دينا ً وبمحمد رسولا ً ” اخرجه مسلم.

( وَقُل رَّبِّ ٱغۡفِرۡ وَٱرۡحَمۡ وَأَنتَ خَیۡرُ ٱلرَّ ٰحِمِینَ ) المؤمنون: 118 .

ربنا ! رحمتك نرجو فلا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين، وأدخلنا في رحمتك.

ربنا ! اغفر وارحم، وأنت خير الراحمين.

ساهم في التعريف بأسماء الله الحسنى

انت الزائر رقم