قال جعفر الصادق رحمه الله: عجبت لمن خاف ولم يفزع إلى قوله: ( حَسۡبُنَا ٱللَّهُ وَنِعۡمَ ٱلۡوَكِیلُ ) آل عمران: 173 ، فإني سمعت الله يقول بعقبها: ( فَٱنقَلَبُوا۟ بِنِعۡمَة مِّنَ ٱللَّهِ وَفَضۡل لَّمۡ یَمۡسَسۡهُمۡ سُوۤء ) آل عمران: 174 .

وعجبت لمن اعتم كيف لا يفزع إلى قوله تعالى: ( لَّاۤ إِلَـٰهَ إِلَّاۤ أَنتَ سُبۡحَـٰنَكَ إِنِّی كُنتُ مِنَ ٱلظَّـٰلِمِینَ ) الأنبياء: 87 ، فإني سمعت الله يقول بعقبها: ( فَٱسۡتَجَبۡنَا لَهُۥ وَنَجَّیۡنَـٰهُ مِنَ ٱلۡغَمِّۚ وَكَذَ ٰلِكَ نُـۨجِی ٱلۡمُؤۡمِنِینَ ) الأنبياء: 88 .

وعجبت لمن مكر به كيف لا يفزع إلى قوله: ( فَسَتَذۡكُرُونَ مَاۤ أَقُولُ لَكُمۡۚ وَأُفَوِّضُ أَمۡرِیۤ إِلَى ٱللَّهِۚ إِنَّ ٱللَّهَ بَصِیرُۢ بِٱلۡعِبَادِ ) غافر: 44 ، فإني سمعت الله يقول: ( فَوَقَىٰهُ ٱللَّهُ سَیِّـَٔاتِ مَا مَكَرُوا۟ۖ  ) غافر: 45 .

إذا بارت عليك الحيل، وضاقت السبل، وانتهت الآمال، وتقطعت الحبال، فقل حسبي الله ونعم الوكيل !

إذا ضاقت عليك الأرض بما رحبت، وضاقت عليك نفسك بما حملت، فاهتف بــ: حسبي الله ونعم الوكيل ! حينها يأتي مدده ويصل عونه ، ويسرع فرجه: ( فَٱنقَلَبُوا۟ بِنِعۡمَة مِّنَ ٱللَّهِ وَفَضۡل لَّمۡ یَمۡسَسۡهُمۡ سُوۤء ) آل عمران: 174 .

والله عز وجل عرّف نفسه للعباد بأنه حسيبهم فقال: ( وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ حَسِیبا ) النساء: 6 ، وقال: ( إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلَىٰ كُلِّ شَیۡءٍ حَسِیبًا ) النساء: 86 .

فالله عز وجل هو الحسيب.

فربنا سبحانه وتعالى الكافي لجميع خلقه في كل شيء يحتاجونه في المنافع ودفع المضار.

وكفايته..

1- كفاية عامة للخلائق كلها بإيجادها ورزقها وإمدادها بكل ما خلقت له: ( قَالَ رَبُّنَا ٱلَّذِیۤ أَعۡطَىٰ كُلَّ شَیۡءٍ خَلۡقَهُۥ ثُمَّ هَدَىٰ ) طه: 50 .

2- كفاية خاصة لعباده الموحدين بالنصر والتمكين والدفع عنهم في كل ما يكرهون: ( یَـٰۤأَیُّهَا ٱلنَّبِیُّ حَسۡبُكَ ٱللَّهُ وَمَنِ ٱتَّبَعَكَ مِنَ ٱلۡمُؤۡمِنِینَ ) الأنفال: 64 .

وربنا عزوجل المحاسب لكل الخلائق على أعمالهم يوم يردون إليه ومجازيهم عليها لا تخفى عليه خافية ، ولا يعزب عنه مثقال ذرة في الارض ولا في السماء، ( وَإِن كَانَ مِثۡقَالَ حَبَّة مِّنۡ خَرۡدَلٍ أَتَیۡنَا بِهَاۗ وَكَفَىٰ بِنَا حَـٰسِبِینَ ) الأنبياء 47 .

يرعاك في الملمات..

فمن خوف بغير الله وقال: حسبي الله ! نجاه ونصره.

ألقي إبراهيم عليه السلام في النار فقال: حسبنا الله ونعم الوكيل فجعلها الله عليه بردا ً وسلاما ً .

رسولنا صلى الله عليه وسلم وأصحابه لما هددوا بجيوش الكفار وكتائب الوثنية، قالوا : ( حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ (173) فَانقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ (174) ) آل عمران:  173 – 174 .

فالله الحسيب: الذي تمد إليه الأكف في الأسحار، والأيادي في الحاجات، والأعين في الملمات ، والأسئلة في الحوادث.

الأقوياء بيده والضعفاء بيده، صحتك بيده، زوجتك بيده،ومن تحتك بيده، ورزقك بيده، الملوك بيده، الظالم بيده، عدوك بيده.

ما عليك إلا أن تلوذ وتهتف: حسبنا الله ونعم الوكيل !

شعارك ودثارك ..

“حسبنا الله ونعم الوكيل!” هي: مفتاح الفرج وباب إلى السعادة، ( فَٱنقَلَبُوا۟ بِنِعۡمَة مِّنَ ٱللَّهِ وَفَضۡل لَّمۡ یَمۡسَسۡهُمۡ سُوۤء وَٱتَّبَعُوا۟ رِضۡوَ ٰنَ ٱللَّهِۗ وَٱللَّهُ ذُو فَضۡلٍ عَظِیمٍ ) آل عمران: 174 .

إذا خفت من مرض او خسارة في تجارة، او من فقر او على ولدك او من ظالم او عدو فقل: حسبي الله ونعم الوكيل !

إذا ضاقت المرأة عند الولادة او على طفلها او على نفسها فلتقل: حسبي الله ونعم الوكيل، جاء عند ابن السني مرفوعا وأبي داوود موقوفا ً وصحح سنده شعيب الأرنؤوط: ” من قال: حين يصبح وحين يمسي: حسبي الله لا اله الا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم سبع مرات، كفاه الله ما أهمه من أمر الدنيا والأخرة “.

شعارك معناه :

يارب! التجأت إليك واحتميت بك، واستعنت بك على ما اخاف منه وتوكلت عليه، فأنت حسبي ورجائي وذخري وملاذي! ( أَمَّن یُجِیبُ ٱلۡمُضۡطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَیَكۡشِفُ ٱلسُّوۤءَ وَیَجۡعَلُكُمۡ خُلَفَاۤءَ ٱلۡأَرۡضِۗ أَءِلَـٰه مَّعَ ٱللَّهِۚ قَلِیلا مَّا تَذَكَّرُونَ ) النمل: 62 .

فإذا علمت ان الله هو الكافي وهو الحسيب، فلا ترفع حوائجك إلا إليه.

وهو الحسيب كفاية وحماية والحسب كافي العبد كل أوان

كي يسلم الطريق..

إذا علم المؤمن أن الله سيحاسبه غدا على الكبير والصغير ويطالبه بالنقير والقطمير وأنه لا تخفى عليه خافية، وأن حساب الخلق لا مشقة يه على الخالق الحسيب، كان في استعداد دائم، وكان مراقبا ً لله عزوجل في كل أحواله، ( ثُمَّ رُدُّوۤا۟ إِلَى ٱللَّهِ مَوۡلَىٰهُمُ ٱلۡحَقِّۚ أَلَا لَهُ ٱلۡحُكۡمُ وَهُوَ أَسۡرَعُ ٱلۡحَـٰسِبِینَ ) الأنعام: 62 .

جاء في مسند الإمام أحمد: أن عائشة رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في بعض صلاته: ” اللهم حاسبني حسابا ً يسيرا ً ” ، قلت: يا نبي الله ما الحساب اليسير ؟ قال: ” أن ينظر في كتابه فيتجاوز عنه، أنه من نوقش الحساب يومئذ يا عائشة، هلك ” حديث صحيح.

وروي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، وزنوا أعمالكم قبل أن توزن عليكم، وتزينوا للعرض الأكبر يومئذ تعرضون لا تخى منكم خافية .

قال القرطبي: قال بعض الصلحاء: هذا كتاب، لسانك قلمه، وريقك مداده، وأعضاؤك قرطاسه، أنت كنت المملي على حفظتك، ما زيد فيه ولا نقص منه ومتى أنكرت شيئا ً يكون فيه الشاهد منك عليك، ( ٱقۡرَأۡ كِتَـٰبَكَ كَفَىٰ بِنَفۡسِكَ ٱلۡیَوۡمَ عَلَیۡكَ حَسِیبا ) الإسراء: 14 .

ذكرى..

في الآخرة محكمة ترد فيها الحقوق حيث لا درهم ولا دينار، إنما الحساب بالحسنات والأعمال وقتها أنت أحوج ما تكون إلى الحسنة.

وعلى حسب قيمة السلعة يكون مكيالها! فالحديد بالطن ، والفاكهة بالكيلو، والذهب بالجرام، والألماس بالقيراط، أما أعمال الآخرة فهي بالذرة : ( فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7) وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (8) ) الزلزلة: 7 – 8 .

وإياك وحقوق الآخرين! فإنها لا تحل ولو قضى بها النبي صلى الله عليه وسلم لمن كان ألحن بحجته من أخيه، فقد صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: ” انما انا بشر مثلكم، وإنكم تختصمون إليّ ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض، وأقضي له على نحو ما أسمع.

فمن قضيت له من حق أخيه شيئا ً فلا يأخذ، فإنما أقطع له قطعة من النار ” أخرجه البخاري ومسلم.

اللهم ! أنت حسبنا وكفى .. فكن لنا ولا تكن علينا، واغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين.

ساهم في التعريف بأسماء الله الحسنى

انت المشاهد رقم