ازالة تشكيل على رؤوس الجبال: شمس من الفرج مشرقة، وعلى مشارف التلال: هالة من النور بارقة، وعلى كل باب للحزن من السرور طارقة.

افتح عينيك وارفع يديك، لا تساعد الهم عليك، ولا تدع اليأس إليك، فهناك من يؤمنك وهناك من يصدقك، إنه المؤمن جل جلاله.

السمك والقرش والطيور والوحوش، كلها ترجو الأمان من المؤمن عز وجل.

فاتجه الى المؤمن سبحانه وتعالى واشك الحال إليه، فإن فرجه أسرع من البرق الخاطف، وله في كل لحظة لطائف.

المؤمن عز وجل اسم من اسماء الله تعالى، فالله قد قال: ( هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ ) الحشر: 23.

ورد اسم (المؤمن) في القرآن في آية واحدة، وجاء ورودها أمنا ً للخائفين وامانا ً للراجين، وفرجا ً للمهمومين.

وقفة .. في ظلال اسم المؤمن :

قال أهل العلم، المؤمن له معنيان:

أولهما: التصديق، وأعظم تصديق منذ ان خلق الله الخليقة إلى ان تقوم الساعة: تصديق الله عز وجل لنفسه وشهادته لنفسه بالوحدانية وانفراده بالعبودية، وبما أثنى على نفسه به من الكمال والصفات العلية، قال الله سبحانه وتعالى عن نفسه ( شَهِدَ ٱللَّهُ أَنَّهُۥ لَاۤ إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ ) آل عمران: 18، فهذه من أجل الشهادات الصادرة من الملك العظيم وهو الله رب العالمين، على اعظم واجل مشهود به، وهو توحيد الله عز وجل وإخلاص الدين له وقيامه بالقسط.

وأشهد ان الله لا رب غيره كريم رحيم يرتجى ويؤمل

وهو سبحانه وتعالى الذي يصدق قوله ويصدق وعده: ( وَمَنۡ أَصۡدَقُ مِنَ ٱللَّهِ قِیلا ) النساء: 128.

وصدق أنبياءه بإظهار الآيات الباهرة على أيديهم: ( قَدۡ جِئۡتُكُم بِـَٔایَة مِّن رَّبِّكُمۡ ) آل عمران: 49، ( وَأَتَیۡنَـٰكَ بِٱلۡحَقِّ وَإِنَّا لَصَـٰدِقُونَ ) الحجر: 64.

ويصدق عباده ما وعدهم به من النصر في الدنيا، والتمكين في الارض ومن الثواب في الآخرة، قال عز وجل: ( ثُمَّ صَدَقۡنَـٰهُمُ ٱلۡوَعۡدَ فَأَنجَیۡنَـٰهُمۡ وَمَن نَّشَاۤءُ وَأَهۡلَكۡنَا ٱلۡمُسۡرِفِینَ ) الأنبياء: 9.

ويصدق الكفار ما وعدهم من العقاب والخذلان في الدنيا والآخرة، قال سبحانه وتعالى ( وَنَادَىٰۤ أَصۡحَـٰبُ ٱلۡجَنَّةِ أَصۡحَـٰبَ ٱلنَّارِ أَن قَدۡ وَجَدۡنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقّا فَهَلۡ وَجَدتُّم مَّا وَعَدَ رَبُّكُمۡ حَقّاۖ قَالُوا۟ نَعَمۡۚ فَأَذَّنَ مُؤَذِّنُۢ بَیۡنَهُمۡ أَن لَّعۡنَةُ ٱللَّهِ عَلَى ٱلظَّـٰلِمِینَ ) الأعراف: 44.

وأخبار الله عز وجل صدق كلها.

وإني بك اللهم ربي لواثق وما لي بباب غير بابك مدخل

والله سبحانه وتعالى يحب الصادقين في وعدهم وخبرهم: ( ٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَ وَكُونُوا۟ مَعَ ٱلصَّـٰدِقِینَ ) التوبة: 119.

وثانيهما: الأمان، وهو ضد الاخافة، ( وَءَامَنَهُم مِّنۡ خَوۡفِۭ ) قريش: 4.

فالناس بين خوف من الداء او نقص في الدواء، او تسلط الاعداء او فقر منس، او موت مجهز، فتراهم يبحثون عن الامن في تأمين الطعام ويقيمون القلاع والحصون ويقيمون المشافي ويبنون السدود، والضعفاء من الأفراد والدول قد يلجؤون إلى الأقوياء طلبا ً للأمن.

وفي لحظات تنهار هذه القوى وتنكشف الأمور ولا يبقى مع هؤلاء إلا الالتجاء الى المؤمن سبحانه وتعالى، واهب الأمن لعباده، فروا منه ثم عادوا إليه، خالقهم وخالق الكون اجمع، مهيمن على كل شيء، نواصي العباد بيده.

فإذا وقع عذاب الله عز وجل بقوم، فلا يوجد من يؤمنهم منه، ولا طاقة للبشر في دفعه: ( ءأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ (16) أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ (17) ) الملك: 16 – 17.

ثلاثة مواضع:

فالناس تبحث عن الأمن في ثلاثة مواضع، وجميعها بيد المؤمن سبحانه وتعالى القادر على كل شيء ولا يهبها إلا لأوليائه المتقين.

الموضع الأول: أمن دنيوي بشتى أنواعه: ( وَلَوۡ أَنَّ أَهۡلَ ٱلۡقُرَىٰۤ ءَامَنُوا۟ وَٱتَّقَوۡا۟ لَفَتَحۡنَا عَلَیۡهِم بَرَكَـٰت مِّنَ ٱلسَّمَاۤءِ وَٱلۡأَرۡضِ ) الأعراف: 96.

والموضع الثاني: يطلب الامن فيه عند الاحتضار، ونزول ملك الموت وفي البرزخ عند رؤية الملكين.

وهنا يأتي الامان والبشارة للمؤمنين: ( إِنَّ ٱلَّذِینَ قَالُوا۟ رَبُّنَا ٱللَّهُ ثُمَّ ٱسۡتَقَـٰمُوا۟ تَتَنَزَّلُ عَلَیۡهِمُ ٱلۡمَلَـٰۤىِٕكَةُ أَلَّا تَخَافُوا۟ وَلَا تَحۡزَنُوا۟ وَأَبۡشِرُوا۟ بِٱلۡجَنَّةِ ٱلَّتِی كُنتُمۡ تُوعَدُونَ ) فصلت: 30.

والموضع الثالث: في الآخرة عند الفزع الأكبر، حيث الأمان الاكبر للمتقين، قال الله سبحانه وتعالى: ( لَا یَحۡزُنُهُمُ ٱلۡفَزَعُ ٱلۡأَكۡبَرُ وَتَتَلَقَّىٰهُمُ ٱلۡمَلَـٰۤىِٕكَةُ هَـٰذَا یَوۡمُكُمُ ٱلَّذِی كُنتُمۡ تُوعَدُونَ ) الأنبياء: 103.

والأمن لا يعطى إلا للموحد، ( مَن جَاۤءَ بِٱلۡحَسَنَةِ فَلَهُۥ خَیۡر مِّنۡهَا وَهُم مِّن فَزَع یَوۡمَىِٕذٍ ءَامِنُونَ ) النمل: 89.

وعلى قدر إيمانك يكون أمانك، لأن الله عز وجل قال: ( ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ وَلَمۡ یَلۡبِسُوۤا۟ إِیمَـٰنَهُم بِظُلۡمٍ أُو۟لَـٰۤىِٕكَ لَهُمُ ٱلۡأَمۡنُ وَهُم مُّهۡتَدُونَ ) الأنعام: 82.

حظك منه ..

ولذا فإن من ثمرات هذا الاسم العظيم على المؤمنين، أن يعلموا ان الله سبحانه وتعالى هو الذي يؤمنهم عند المحن والشدائد والمصائب ويعلموا كذلك، ان الجزاء من جنس العمل، فهم يؤمنون الناس شرهم وغوائلهم، رغبة بما عند الله من الأمن، ورهبة من نزع الأمن منهم يوم القيامة.

صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم انه قال: ” ألا أخبركم بالمؤمن ؟ من أمنه الناس على أموالهم وأنفسهم، والمسلم: من سلم الناس من لسانه ويده ” حديث صحيح، رواه أحمد في المسند.

اللهم ! آمنا في أوطاننا، اللهم ! آمن روعاتنا ويمن كتابنا ويسر حسابنا.

ساهم في التعريف بأسماء الله الحسنى

انت المشاهد رقم