جاء في صحيح مسلم عن صهيب رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ” إذا دخل اهل الجنة الجنة، يقول الله تعالى: تريدون شيئا ً أزيدكم ؟ فيقولون: ألم تبيض وجوهنا؟ ألم تدخلنا الجنة ، وتنجنا من النار ؟ فيكشف الحجاب، فما أعطوا شيئا أحب إليهم من النظر إلى ربهم جل جلاله ” .

فسبحان من حارت الأفكار في جماله ..

وسبحان من اضطربت الأفهام في عظمته ..

وسبحان من ذهلت الأذهان لأنواره..

فالله جميل يحب الجمال، بل هو الجمال كله والجمال كله منه، يفعل الجميل ويكافئ على الجميل .

وهو الجميل على الحقيقة كيف لا ؟؟ وجمال سائر هذه الأكوان 

من بعض آثار الجميل، فربها أولى وأجدر عند ذي العرفان

يعجز اللسان عن البيان ..

جاء في صحيح مسلم قول النبي صلى الله عليه وسلم: ” إن الله جميل يحب الجمال ” .

يقول الشيخ السعدي رحمه الله في شرحه لأبيات ابن القيم في نونيته: الجميل من له نعوت الحسن والإحسان فإنه جميل في ذاته وأسمائه وصفاته وأفعاله، فلا يمكن لمخلوق ان يعبر عن بعض جمال ذاته سبحانه وتعالى، حتى ان اهل الجنة مع ما هم فيه من النعيم المقيم، واللذات والسرور، والأفراح التي لا يقدر قدرها، إذا رأوا ربهم وتمتعوا بجماله نسوا ما هم فيه من النعيم وتلاشى ما هم فيه من الأفراح وودوا أن لو يدوم هذا الحال ليكتسوا من جماله ونوره جمالا ً إلى جمالهم لأن قلوبهم كانت في شوق ادئم ونزوع إلى رؤية ربهم ويفرحون بـ (يوم المزيد) فرحا ً تكاد تطير له القلوب !

وكذلك هو الجميل في أسمائه فإنها كلها حسنى بل أحسن الأسماء على الإطلاق وأجملها، ( وَلِلَّهِ ٱلۡأَسۡمَاۤءُ ٱلۡحُسۡنَىٰ فَٱدۡعُوهُ بِهَاۖ ) الأعراف: 180 .

فكلها دالة على غاية الحمد والمجد والكمال لا يسمى باسم منقسم إلى كمال وغيره.

وهو الجميل في أوصافه، فإن أوصافه كلها أوصاف كمال، نعوت وثناء وحمد.

وأفعاله كلها جميلة فإنها دائرة بين أفعال البر والإحسان التي يحمد عليها ويشكر.

ولو كانت الأشجار أقلاما ً والبحار مدادا ً، والسماوات ألواحا ً، والخلائق يملون الثناء ويكتبون المديح عن جمال الله لكانوا فيما يستحقونه مقصرين، وفيما يجب له متقطعين، وبالعجز عن القيام بشكره معترفين.

جماله لا تحيط به العقول ولا تدركه الأبصار، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: ” لا أحصي ثناء عليك، انت كما أثنيت على نفسك ” أخرجه مسلم.

جمال الأكوان..

وما فيها من البر والبحر والخضرة والشمس والقمر والنجوم والدواب، دليل على جماله سبحانه وتعالى فإنه مانح الجمال ومانح الجمال أحق بالجمال منها، ( فَتَبَارَكَ ٱللَّهُ أَحۡسَنُ ٱلۡخَـٰلِقِینَ ) المؤمنون: 14 .

ولا ينظر الى هذا الجمال إلا من نوّر الله قلبه بالإيمان فهو يرى وراء هذا الجمال جمال الله وجلاله وكماله جل جلاله.

ومن أعرض عن ذكر الله وتنكر لنوره، وتمرد على هدايته فإنه يحرم النظر إلى إبداع جماله فالعين عميت، والبصيرة طمست !!

أيها الشاكي وما بك داء كيف تغدو إذا غدوت عليلا ً 

أترى الشوك في الورود وتعمى أن ترى فوقه الندى إكليلا ً 

والذي نفسه بغير جمال لا يرى في الوجود شيئا ً جميلا ً

الشوق ..

والإيمان بهذا الاسم يزيد المؤمن إيمانا ً وشوقا ً الى رؤية الله الجميل، وكان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: ” وأسألك لذة النظر إلى وجهك والشوق إلى لقائك ” حديث صحيح، رواه الترمذي، ثم تجده مطمئنا ً راضيا ً يما يقدر الله عز وجل عليه لأنه سبحانه وتعالى لا يفعل إلا ما فيه الحكمة والخير لعبده المؤمن، لأن كل أفعاله جميلة وما ينشأ من الفعل الجميل إلا جميل، وهذا هو حسن الظن بالله، الذي حدث عنه النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث القدسي في مسند الإمام أحمد، أن رب العزة قال: ” أنا عند ظن عبدي بي، إن ظن بي خيرا ً فله، وإن ظن بي شرا ً فله ” حديث صحيح.

وإني لأدعو الله حتى كأنني أرى بجميل الظن ما الله صانع

لا تنكر الجميل..

والمؤمن تراه جميلا باطنا ً وظاهرا ً، لأنه يتقرب بهذا الجمال إلى الله ولأن الله حث على حميل الأقوال والأخلاق والأعمال، فيحب من عبده أن يجمل لسانه بالصدق وقلبه بالإخلاص والإنابة والتوكل، وجوارحه بالطاعة ، وبدنه بإظهار نعمه عليه في لباسه وتطهره.

والمؤمن يعرف ربه بالجمال الذي هو وصفه ويعبده بالجلال الذي هو شرعه ودينه.

ولما قال النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه: ” لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر ” ، قال رجل: إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسنا ً ونعله حسنة ! 

قال صلى الله عليه وسلم: إن الله جميل يحب الجمال، الكبر: بطر الحق وغمط الناس ” أخرجه مسلم.

اللهم ارزقنا الجمال في الدارين وارزقنا الجمال في السريرتين: السر، والعلانية وارزقنا الجمال في الأقوال والأفعال يا رب العالمين !

ساهم في التعريف بأسماء الله الحسنى

انت المشاهد رقم