جاء في سنن ابي داود عن عبد الله بن الشخير رضي الله عنه قال: انطلقت في وفد بني عامر الى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلنا: انت سيدنا، فقال ” السيد الله عز وجل ” قلنا: وأفضلنا فضلا ً وأعظمنا طولا ً ، فقال: ” قولوا بقولكم او بعض قولكم، ولا يستجرينكم الشيطان ” حديث صحيح.

يستجرينكم أي: لا يغلبنكم الشيطان.

وفي اللغة: السيد: الذي فاق غيره بالحلم والمال والرفعة والنفع والمعطي ماله في حقوقه ويطلق السيد على من لا يغلبه غضبه ويطلق على: الكريم والملك والرئيس.

وسيد العبد: مولاه، وسيد المرأة: زوجها، قال سبحانه وتعالى : ( وَأَلۡفَیَا سَیِّدَهَا لَدَا ٱلۡبَابِۚ ) يوسف: 25.

والسؤدد: الشرف، وسيد كل شيء: أشرفه وأرفعه.

فمن الذي كمل في سؤدده غير الله عز وجل ؟؟

في ظلال اسم الله السيد ..

فربنا عز وجل هو السيد: الذي قد كمل في سؤدده والشريف الذي قد كمل في شرفه، والعظيم الذي قد كمل في عظمته، والحليم الذي قد كمل في حلمه، والغني الذي قد كمل في غناه، والجبار الذي قد كمل في جبروته، والعالم الذي قد كمل في علمه، والحكيم الذي قد كمل في حكمته.

فالله سبحانه وتعالى السيد الذي كمل في أنواع الشرف والسؤدد.

هذه صفاته عز وجل التي لا يشاركه فيها احد، ولا ينازعه فيها مخلوق.

وهو الإله السيد الصمد الذي صمدت إليه الخلق بالإذعان

الكامل الأوصاف من كل الوجوه كماله ما فيه من نقصان

الخلق كلهم عبيد له عز وجل، كلهم محتاجون إليه، الملائكة والانس والجن ليسوا في غنى عنه، فهم الفقراء الى كرمه ولطفه ورعايته فكان حقا ً له ان يكون سيدا ً، وكان حقا عليهم أن يدعوه بهذا الاسم.

ربنا عز وجل السيد المتصرف في الكون، لا ند له.

وهو عز وجل السيد الذي ينبغي أن تصرف له وحدة الطاعة والذل والخضوع، لا شريك له.

فهو السيد المعبود، لا شريك له: ( قُلۡ أَغَیۡرَ ٱللَّهِ أَبۡغِی رَبّا وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَیۡءۚ ) الأنعام: 164.

قال ابن عباس رضي الله عنه: إلها ً سيدا ً.

فكر خاطئ !

قد يعطى الانسان أموالا ً، وقد يرزق عيالا ً، ويوهب جاها ً، او ينال منصبا ً ومركزا ً كريما ً، أو زعامة عريضة، أو رياسة مكينة، قد يحف به الخدم ويحيط به الجند وتحرسه الجيوش وترضخ له الناس، وتذل له الرؤوس وتدين له الشعوب فيبلغ من سؤدد هذه الدنيا مبلغا ً عظيما ً لكنه سؤدد ناقص زائل.

خدعتهم الأحلام في سنة الكرى ما أكذب الأحلام والتأويلا !

ومن آمن بأن الله هو السيد الحقيقي تعلق قلبه به وحده عز وجل، تعلق خوف ورجاء واستعانة وتوكل لأنه المتصرف في شؤون العباد، وما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها، والعباد جميعا ً فقراء إليه، ( یَـٰۤأَیُّهَا ٱلنَّاسُ أَنتُمُ ٱلۡفُقَرَاۤءُ إِلَى ٱللَّهِۖ وَٱللَّهُ هُوَ ٱلۡغَنِیُّ ٱلۡحَمِیدُ ) فاطر: 15، فلا يذل ولا يخضع إلا لله الواحد القهار السيد الصمد.

يا سادة !

أركان السؤدد في الخلق: الكرامة، والشرف والرفعة، وعلو الذكر، وهذه لا تكون إلا في طاعة الله عز وجل، ولذلك ساد الانبياء والأولياء وكانوا شامة بين الناس.

وأما من ابتعد عن الله وكفر به، فلا كرامة له ولا سيادة، وإن حصلت لهم السيادة الدنيوية فهي زائفة ومؤقتة.

ولذا، جاء النهي عن تسمية المنافق بالسيد، روى أبو داود عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: ” لا تقولوا للمنافق سيد، فإنه إن يك سيدا ً فقد اسخطتم ربكم عز وجل ” حديث صحيح.

حمى السيد :

وإطلاق السيد على المخلوق جائز، لقوله عز وجل عن يحيى عليه السلام: ( وَسَیِّدا ) آل عمران: 39، وجاء في حديث الشفاعة: ” انا سيد ولد آدم يوم القيامة ولا فخر ” رواه مسلم، وقوله صلى الله عليه وسلم في سعد بن معاذ: ” قوموا إلى سيدكم ” رواه البخاري.

ولا تعارض بينهما وبين رواية ” السيد الله ” حديث صحيح، رواه أبو داود، لأن سيد الخلق عند المؤمنين يقصد بها: الرئاسة والإمامة.

والعرب تقول: فلان سيدنا، أي: رئيسنا والذي نعظمه.

وأما وصف الله عز وجل بالسيد فمعناه: انه مالك الخلق والخلق كلهم عبيده.

ونهى النبي صلى الله عليه وسلم عنه لما قيل له: أنت سيدنا، قال: ” السيد الله قولوا بقولكم او بعض قولكم، ولا يستجرينكم الشيطان ” حديث صحيح، رواه أبو داود، فيه دليل على حماية المصطفى صلى الله عليه وسلم حمى التوحيد، وصيانته لجنابه، وسد طرق الشرك.

وكره صلى الله عليه وسلم أن يمدح في وجهه مع أنهم لم يقولوا إلا حقا ً فهو القائل: ” أنا سيد ولد آدم ” اخرجه مسلم، وخوفا ً عليهم من انصراف القلب إلى نوع من التعلق بالمخلوقين والذل لهم والانكسار الذي لا يحل ولا يجوز صرفه إلا لله الواحد القهار.

اللهم إنا نسألك باسمك السيد ! ان ترفع ذكرنا، وتضع وزرنا، فأنت على كل شيء قدير.

ساهم في التعريف بأسماء الله الحسنى

انت المشاهد رقم