قال العلماء: توحيد الاسماء والصفات يقوم على ركنيين، وهي خلاصة التوحيد:

1- إثبات الكمال في أسماء الله عز وجل وصفاته وأفعاله.

2- تنزيه الله عز سبحانه وتعالى عن كل النقائص التي تنافي كماله في ذاته وصفاته وأفعاله.

ومن رحمة الله بنا أنه أرشدنا الى كيفية تنزيهه وذلك بتسبيحنا له، قال عز وجل: ( وَسَبِّحُوهُ بُكۡرَة وَأَصِیلًا ) الأحزاب: 42.

سبحان من هو لا يزال مسبحا ً أبدا ً وليس لغيره السبحان 

سبحان من في ذكره طرق الرضا منه وفيه الروح والريحان 

وكان رسولنا صلى الله عليه وسلم يقول في ركوعه وسجوده، ” سبوح قدوس، رب الملائكة والروح ” أخرجه مسلم.

والتسبيح في اللغة هو: التنزيه ( سبح الله ) أي: نزهه وبرأه من كل عيب.

فربنا عز وجل منزه عن كل عيب ونقص وسوء، فله الكمال المطلق سبحاته وتعالى.

أنت أحق ..

الكون كله معبد، كل من فيه يسبح الله عز وجل، وهو أعظم ما يعبد الله به.

فهؤلاء أهل السماء من الملائكة: ( قَالُوۤا۟ أَتَجۡعَلُ فِیهَا مَن یُفۡسِدُ فِیهَا وَیَسۡفِكُ ٱلدِّمَاۤءَ وَنَحۡنُ نُسَبِّحُ بِحَمۡدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَۖ قَالَ إِنِّیۤ أَعۡلَمُ مَا لَا تَعۡلَمُونَ ) البقرة: 30 .

ولا شيء في الكون إلا وهو يسبح خالقه، وتتجاوب جنباته بالتسبيح لخالقه، إلا كفرة الانس والجن.

فالله عز وجل قال: ( تُسَبِّحُ لَهُ ٱلسَّمَـٰوَ ٰتُ ٱلسَّبۡعُ وَٱلۡأَرۡضُ وَمَن فِیهِنَّۚ وَإِن مِّن شَیۡءٍ إِلَّا یُسَبِّحُ بِحَمۡدِهِۦ وَلَـٰكِن لَّا تَفۡقَهُونَ تَسۡبِیحَهُمۡۚ إِنَّهُۥ كَانَ حَلِیمًا غَفُورا ) الإسراء: 44 .

وهو سبحانه المستحق للتسبيح، لكمال ذاته وكمال صفاته.

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ” قرصت نملة نبيا ً من الأنبياء فأمر بقرية النمل، فأحرقت، فأوحى الله إليه: أن قرصتك نملة أحرقت أمة من الأمم تسبح ؟ ” أخرجه البخاري وهذا لفظه، ومسلم.

الجبال والطير يسبحون الله عز وجل، والكل يسبح الله ( وَسَخَّرۡنَا مَعَ دَاوُۥدَ ٱلۡجِبَالَ یُسَبِّحۡنَ وَٱلطَّیۡرَۚ وَكُنَّا فَـٰعِلِینَ ) الأنبياء: 79، فنحن أحق من يتوجه بالتسبيح إلى الله عز وجل.

قال بعض السلف: أما يستحيي أحدكم أن تكون راحلته التي يركبها وثوبه الذي يلبسه، أكثر ذكرا ً لله منه.

قلوب سمعت ..

لما علم اهل الصلاح بالاجور، أن التسبيح أحب الكلام إلى الله تسابقوا الى التسبيح في جميع أحوالهم، فهي الغنيمة الباردة، جاء عنه صلى الله عليه وسلم انه قال: ” كلمتان خفيفتان على اللسان، ثقيلتان في الميزان، حبيبتان إلى الرحمن، سبحان الله وبحمده ، سبحان الله العظيم ” أخرجه البخاري ومسلم.

وصح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: ” من قال سبحان الله وبحمده في يوم مائة مرة، حطت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر ” أخرجه البخاري ومسلم.

وقال صلى الله عليه وسلم: ” أيعجز أحدكم أن يكسب كل يوم ألف حسنة ؟ ” فسأله سائل من جلسائه: كيف يكسب أحدنا ألف حسنة ؟ 

قال: ” يسبح مائة تسبيحة، فيكتب له ألف حسنة، أو يحط عنه ألف خطيئة ” أخرجه مسلم.

مفاتيح السعادة ..

وتسبيح الله عز وجل من الباقيات الصالحات.
وفي التسبيح: سلوة للطائعين وملاذ للهاربين وملجأ للخائفين فهم يعلمون أن الذي يسبحونه وينزهونه من كل عيب ونقص هو: ملاذهم في الشدة وأنيسهم في الوحشة ونصيرهم في القلة.

كيف لا يستجاب لأهل التسبيح وهم الذي عرفوا الله في الرخاء، فكيف لا يعرفهم في الشدة.

فهذا نبي الله يونس بن متى عليه السلام، ماذا قال الله عز وجل عنه ؟ ( فَلَوۡلَاۤ أَنَّهُۥ كَانَ مِنَ ٱلۡمُسَبِّحِینَ ۝ لَلَبِثَ فِی بَطۡنِهِۦۤ إِلَىٰ یَوۡمِ یُبۡعَثُونَ ۝ ) الصافات: 143 – 144 .

قال ابن عباس رضي الله عنهما: كانت الحيتان تهدأ في البحر ولا يهدأ هو من التسبيح، وكانت الضفادع تسكن من النقنقة، ولا يسكن هو من ذكر الله .

قال الحسن: ما كان ليونس صلاة في بطن الحوت ولكنه قدم عملا ً صالحا ً في حال الرخاء فذكره الله به في حال البلاء.

قال الكرجي: دليل على أن التسبيح والتهليل يجليان الغموم، وينجيان من الكرب والمصائب.

وجاء في الأثر: أن العبد إذا كان صالحا ً أصبح معروفا ً في السماء، لأن التسبيح عمل صالح، والله عز وجل يقول: ( وَٱلۡعَمَلُ ٱلصَّـٰلِحُ یَرۡفَعُهُۥۚ ) فاطر: 10 .

بالتسبيح يرزق العبد، جاء في الأدب المفرد، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ” .. وسبحان الله وبحمده، فإنها صلاة كل شيء وبها يُرزق كل شيء ” حديث صحيح.

سبحانك !

فسبحان الله عدد ما خلق في السماء.

وسبحان الله عدد ما خلق في الأرض.

وسبحان الله عدد ما بين ذلك.

وسبحان الله عدد ما هو خالق.

أمر الله عز وجل عبده أن يكثروا من تسبيحه حين الشروق وحين الغروف، فقال: ( فَسُبۡحَـٰنَ ٱللَّهِ حِینَ تُمۡسُونَ وَحِینَ تُصۡبِحُونَ ) الروم: 17، وقال عز وجل: ( وَسَبِّحُوهُ بُكۡرَة وَأَصِیلًا ) الأحزاب: 42.

ولأهمية التسبيح جعل الله أهل الجنة يلهمون التسبيح كما يلهمون النفس: ( دَعۡوَىٰهُمۡ فِیهَا سُبۡحَـٰنَكَ ٱللَّهُمَّ وَتَحِیَّتُهُمۡ فِیهَا سَلَـٰمۚ وَءَاخِرُ دَعۡوَىٰهُمۡ أَنِ ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ رَبِّ ٱلۡعَـٰلَمِینَ ) يونس: 10 .

قال ابن رجب رحمه الله: والأعمال كلها يفرغ منها والذكر لا فراغ له ولا انقضاء! والأعمال كلها تنقطع بانقطاع الدنيا ولا يبقى منها شيء في الآخرة والذكر لا ينقطع.

المؤمن يعيش على الذكر، ويموت عليه، وعليه يبعث.

سبحان من سبحته ألسن الأمم تسبيح حمد بما أولى من النعم 

سبحان من سبحته ألسن عرفت بأن التسبيح من أفضل العصم 

سبحان من إن يشأ يخر المسيء وإن يشأ عفا عن كبير الإثم واللمم

سبحان من منه نرجو عفو مقتدر ونستعيذ به من بطش منتقم 

جعلنا الله عز وجل من المسبحين بحمده، المؤمنين بأسمائه وصفاته، المحققين لتوحيده وعظمته، إنه سميع قريب.

( فَسُبۡحَـٰنَ ٱللَّهِ حِینَ تُمۡسُونَ وَحِینَ تُصۡبِحُونَ ۝ وَلَهُ ٱلۡحَمۡدُ فِی ٱلسَّمَـٰوَ ٰ⁠تِ وَٱلۡأَرۡضِ وَعَشِیّا وَحِینَ تُظۡهِرُونَ ۝ ) الروم: 17 – 18 .

ساهم في التعريف بأسماء الله الحسنى

انت المشاهد رقم