إذا أدبر الزمان، وجفاك الإخوان، وحل الظلام وتغيرت الأيام، وتضاعف الأسقام واشتد الخطب، وعظم الكرب، فناد: يا الله .. يا جابر قلوب المنكسرين ! اجبر كسري وارحم ضعفي، فالله يسمعك .

قال الله عزوجل عن نفسه: ( هُوَ ٱللَّهُ ٱلَّذِی لَاۤ إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ ٱلۡمَلِكُ ٱلۡقُدُّوسُ ٱلسَّلَـٰمُ ٱلۡمُؤۡمِنُ ٱلۡمُهَیۡمِنُ ٱلۡعَزِیزُ ٱلۡجَبَّارُ ٱلۡمُتَكَبِّرُۚ سُبۡحَـٰنَ ٱللَّهِ عَمَّا یُشۡرِكُونَ ) الحشر: 23 .

والجبار عزوجل هو: الذي يجبر قلب الكسير، ويغني الفقير، وييسر كل عسير، وهو يجبر قلوب الخاضعين لعظمته وجلاله جبرا ً خاصا ً .

والجبار عزوجل هو: القهار لكل شيء الذي دان له كل شيء، وخضع له كل شيء.

والجبار عزوجل هو: العلي على كل شيء فوق خلقه، مستو على عرشه.

فربنا له الجبروت وحده، فهو قاهر الجبابرة بجبروته، وهو الذي علاهم بعظمته.

وقد مدح الله عزوجل نفسه بهذا الاسم، فقال: ( ٱلۡعَزِیزُ ٱلۡجَبَّارُ ٱلۡمُتَكَبِّرُۚ ) الحشر: 23 . 

وكان النبي صلى الله وعليه وسلم يدعو في سجوده وركوعه: ” سبحان ذي الجبروت والملكوت والكبرياء والعظمة ” حديث صحيح، رواه أبو داود .

لا تنازعه .. 

والجبار: صفة مدح وكمال في حق الله وأما عند اتصاف البشر بها فهي غالبا ً، صفة ذم ونقص وعيب، أما ترى أن الذي يدعي من البشر بأنه جبار، تؤذيه البقة، وتأكله الدودة، وتشوشه الذبابة، وهو أسير جوعه، وصريع شبعه ؟!

لذلك أنكرت الرسل على أقوامها صفة التجبر والتكبر في الأرض بغير الحق، والله قد قال: ( وَإِذَا بَطَشۡتُم بَطَشۡتُمۡ جَبَّارِینَ ) الشعراء: 130 .

ومن تجبر طبع الله عزوجل على قلبه: ( كَذَ ٰلِكَ یَطۡبَعُ ٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ قَلۡبِ مُتَكَبِّر جَبَّار ) غافر: 35 ، وتوعد الله عزوجل الجبابرة بالعذاب: ( وَٱسۡتَفۡتَحُوا۟ وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِید مِّن وَرَاۤىِٕهِۦ جَهَنَّمُ وَیُسۡقَىٰ مِن مَّاۤء صَدِید ) ابراهيم: 15 – 16 .

وجاء في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ” تخرج عنق من النار يوم القيامة، لها عينان تبصران، وأذنان تسمعان، ولسان ينطق، يقول: إني وكلت بثلاثة: بكل جبار عنيد، وبكل من دعا مع الله إلها آخر، وبالمصورين” حديث صحيح، رواه الترمذي.

وصح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: ” تحاجت الجنة والنار، فقالت النار أوثرت بالمتكبرين والمتجبّرين ” اخرجه مسلم.

فأين المتكبرون ؟؟

أين المتجبرون ؟؟

أين الملوك وأبناء الملوك ومن كانت تخر له الأذقان إذعانا ً

صاحت بهم حادثات الدهر فانقلبوا مستبدلين من الأوطان أوطانا ً

اقرع باب السماء !

وكان من دعاء نبينا صلى الله عليه وسلم: ” اللهم اغفر لي وارحمني واجبرني، واهدني وارزقني ” حديث صحيح، رواه الترمذي.

انكسارات الحياة عديدة، وكل يوم نتكسر بهموم هذه الحياة فنحتاج إلى الله في كل ساعة، حتى يجبر كسرنا ويقوي ضعفنا .

شباب وشيب وافتقار وثروة فلله هذا الدهر كيف ترددا ؟؟

ينكسر المريض على فراشه، يصارع المرض فينادي يا الله ! فإذا الجبار يجبر كسره وينزل الشفاء من عنده.

ينكسر الفقير فلا يملك قطميرا ً ويتنهد من البؤس ويبكي من الفاقة وينظر في السماء ويقول: يا الله ! فإذا الجبار يجبر كسره، ويرفع حاجته، ويكشف ضائقته.

ينكسر المظلوم، ويخفي أنينه ويمسح دمعته، وينطرح عند باب الله ويقول: يا الله ! فإذا بالجبار ينتقم له، ويرسل جنده وينزل بصره.

ينكسر السجين في زنزانته، وقد كبل بالحديد وغل بالقيود فينادي: يا الله ! فإذا بالجبار يجبر كسره ويفتح الأبواب له وإذا القيود تحل، والفرج يحصل .

ينكسر العقيم، ويلفه الحزن ويضعف الأمل، فيأخذ سجاته ويطيل بكاءه وينادي: رب هي لي من لدنك ذرية طيبة ! فإذا بالجبار يجبر كسره ويرسل أمره وعونه ومدده، فإذا المستبعد موجود وإذا الابتسامة تحصل، والحمل قد حل.

إنه الجبار عزوجل: يحل العقد ويجبر القلوب والعظام والنفوس ويكفكف الدموع، ويرفع البلاء ويكشف الضراء ويرسل السراء..

يناديه الجميع: اجبر كسرنا وارحم ضعفنا ( یَسۡـَٔلُهُۥ مَن فِی ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۚ كُلَّ یَوۡمٍ هُوَ فِی شَأۡن ) الرحمن: 29 .

وإذا العناية لاحظتك عيونها نم فالحوادث كلهن أمان

وكل كسر ألجأك إلى الله فهو جبر وإن أوجعك.

يقول الله عزوجل: ( وَإِن مِّن شَیۡءٍ إِلَّا عِندَنَا خَزَاۤىِٕنُهُۥ وَمَا نُنَزِّلُهُۥۤ إِلَّا بِقَدَر مَّعۡلُوم ) الحجر: 21 ، فبيده مفاتيح الفرج عزوجل فإذا أوقفتك الآلام والهموم فاتجه إلى الملك العلام، جابر القلوب وجابر الكسور، وناد: يا جابر المنكسرين اجبر كسري وارحم ضعفي، وفرج همي، ( أَمَّن یُجِیبُ ٱلۡمُضۡطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَیَكۡشِفُ ٱلسُّوۤءَ ) النمل: 62 .

ولرب نازلة يضيق بها الفتى ذرعا ً وعند الله منها المخرج 

ضاقت لما استحكمت حلقاتها فرجت وكان يظنها لا تفرج 

كن بلسما ً !!

وتذكر أن الكروب كسور الدنيا فإذا رأيت إنسانا ً في كربة فكن أنت من يستخدمك الله لجبر كسره فإن المكافأة العظمى يوم يبحث الناس جميعا ً عمن يجبر كسورهم يوم القيامة.

صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: ” من فرج عن مسلم كربة، فرج الله عنه كربة من كرب يوم القيامة ” اخرجه مسلم ، ( وَأَحۡسِن كَمَاۤ أَحۡسَنَ ٱللَّهُ إِلَیۡكَۖ ) القصص: 77 ، ( وَٱللَّهُ یُحِبُّ ٱلۡمُحۡسِنِینَ) آل عمران: 134 .

كن بلسما ً إن صار دهرك أرقما ً وحلاوة إن صار غيرك علقما ً 

اللهم ! يا جابر قلوب المنكسرين اجبر كسرنا، وارحم ضعفنا، وتجاوز عنا، برحمتك يا أرحم الراحمين !

ساهم في التعريف بأسماء الله الحسنى

انت المشاهد رقم