يا مبدع الأكوان انت الواحد كل الوجود على وجودك شاهد 

يا حي يا قيوم أنت المرتجي وإلى علاك علا الجبين الساجد

جاء عند الترمذي أن النبي صلى الله عليه وسلم سمع رجلا يقول في صلاته: اللهم اني أسألك بأن لك الحمد، لا إله إلا انت المنان، بديع السماوات والارض ! يا ذا الجلال والإكرام .. يا حي .. يا قيوم !

فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ” والذي نفسي بيده ! لقد سأل الله باسمه الاعظم الذي إذا دعي به أجاب، وإذا سئل به أعطى ” حديث صحيح.

هذه رسالة من نبيك صلى الله عليه وسلم إلى كل من صرخت الحياة في وجهه، أقبل على ربك وفرغ قلبك من غيره، ثم ادعه ( يا حي .. يا قيوم ) فإنه يجيبك ويهب لك فوق ما تؤمله.

إليه وإلا لا تشد الركائب ومنه وإلا فالمؤمل خائب

نقف مع اسم عظيم من أسماء الله الحسنى وهو (القيوم):

قال الله تعالى ( وَعَنَتِ ٱلۡوُجُوهُ لِلۡحَیِّ ٱلۡقَیُّومِۖ ) طه: 111.

فربنا عز وجل القائم بنفسه مطلقا ً لا يحتاج في قيامه ودوامه إلى أحد، غني بنفسه عما سواه: ( یَـٰۤأَیُّهَا ٱلنَّاسُ أَنتُمُ ٱلۡفُقَرَاۤءُ إِلَى ٱللَّهِۖ وَٱللَّهُ هُوَ ٱلۡغَنِیُّ ٱلۡحَمِیدُ ) فاطر: 15.

وربنا عز وجل هو الذي قامت به جميع المخلوقات، من في الارض والسماوات فلا بقاء لها ولا صلاح إلا به عز وجل، فهي فقيرة إليه من كل وجه، وهو غنها من كل وجه، حتى العرش وحملته، فإن العرش إنما قام بالله عز وجل وحملة العرش ما قامت إلا بالله سبحانه وتعالى .

وربنا هو القائم على كل العالم، العلوي والسفلي وما فيهما من مخلوقات في جميع أحوالهم، بتدبيرهم وأرزاقهم وحفظهم وفي كل شؤونهم بالعناية والرعاية في كل وقت وحين.

بل هو القائم سبحانه وتعالى على عباده، المحصي لأعمالهم وأقوالهم وحسناتهم وذنوبهم، فهو الذي يجازيهم عليها في الدار الآخرة، ( أَفَمَنۡ هُوَ قَاۤىِٕمٌ عَلَىٰ كُلِّ نَفۡسِۭ بِمَا كَسَبَتۡۗ وَجَعَلُوا۟ لِلَّهِ شُرَكَاۤءَ قُلۡ سَمُّوهُمۡۚ أَمۡ تُنَبِّـُٔونَهُۥ بِمَا لَا یَعۡلَمُ فِی ٱلۡأَرۡضِ أَم بِظَـٰهِر مِّنَ ٱلۡقَوۡلِۗ بَلۡ زُیِّنَ لِلَّذِینَ كَفَرُوا۟ مَكۡرُهُمۡ وَصُدُّوا۟ عَنِ ٱلسَّبِیلِۗ وَمَن یُضۡلِلِ ٱللَّهُ فَمَا لَهُۥ مِنۡ هَاد ) الرعد: 33.

ومن تمام ألوهيته أن قامت السماوات والارض واستقرتا وثبتتا بأمره وقدرته بلا عمد يعمدها ( إِنَّ ٱللَّهَ یُمۡسِكُ ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ أَن تَزُولَاۚ وَلَىِٕن زَالَتَاۤ إِنۡ أَمۡسَكَهُمَا مِنۡ أَحَد مِّنۢ بَعۡدِهِۦۤۚ إِنَّهُۥ كَانَ حَلِیمًا غَفُورا ) فاطر: 41.

أحق من عبد ..

فالله هو الحي القيوم رب العالمين وأرحم الراحمين وأقدر القادرين وأحكم الحاكمين، الذي له الخلق والأمر، وبيده النفع والضر.

المعروف بالفطرة .. الذي أقرت به العقول ودلت عليه كل الموجودات، المشهود وجوده وقيوميته بكل حركة وسكون، الذي يجيب المضطر إذا دعاه، ويغيث الملهوف إذا ناداه، ويكشف السوء، ويفرج الكرب، ويقبل العثرات.

المستعان به على نائبة وفادحة، والمعهود منه كل بر وكرامة.

الذي عنت له الوجوه، وخشعت له الاصوات: ( وَعَنَتِ ٱلۡوُجُوهُ لِلۡحَیِّ ٱلۡقَیُّومِۖ ) طه: 111.

أحق من ذكر، وأحق من عبد، وأحق من حمد، وأولى من شكر، وأنصر من ابتغى، وأرأف من ملك، وأجود من سئل، وأعفى من قدر، وأكرم من قصد، وأعدل من انتقم.

وحلمه بعد علمه، عفوه بعد مقدرته، مغفرته عن عزته، ومنعه من حكمته.

فهو الحي القيوم لا شريك له والفرد الذي لا ند له: ( ٱللَّهُ لَاۤ إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ ٱلۡحَیُّ ٱلۡقَیُّومُۚ ) البقرة: 255 .

أوضح دلالته للمتفكرين، وأبدى شواهده للناظرين، وبين آياته للعالمين، وقطع أعذار المعاندين، وأدحض حجج الجاحدين فاستنارت آيات الربوبية وسطعت دلائل الألوهية.

فالله عز وجل هو المقيم لمخلوقاته، لا يحتاج إليهم وهم جميعا ً محتاجون، الكل محتاج إليه، الملائكة المقربون وحملة العرش وأهل السماوات والأرض، ( یَـٰۤأَیُّهَا ٱلنَّاسُ أَنتُمُ ٱلۡفُقَرَاۤءُ إِلَى ٱللَّهِۖ وَٱللَّهُ هُوَ ٱلۡغَنِیُّ ٱلۡحَمِیدُ ) فاطر: 15.

العزة له، والجبروت له، والعظمة له والكبرياء له والسلطان له، والملك له، والحكم له، والقوة له، والتسبيح له والتقديس له، كمل في أوصافه وأفعاله، ( ٱللَّهُ لَاۤ إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ ٱلۡحَیُّ ٱلۡقَیُّومُۚ ) البقرة: 255 .

فالله سبحانه وتعالى لا ينام، ولا ينبغي له أن ينام، صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: ” إن الله عز وجل لا ينام ولا ينبغي له أن ينام، يخفض القسط ويرفعه، يرفع إليه عمل الليل قبل عمل النهار، وعمل النهار قبل عمل الليل، حجابه النور (النار) لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه ” أخره مسلم.

فسبحان من أشرقت لنوره السماوات والأرض، وأنارت بوجهه الظلمات، فسبحان الحي القيوم !

اطمئن !

ومن علم ان الله هو القيوم، انقطع قلبه عن الخلق، واستراح قلبه إلى خالقه ورازقه ومدبره، ففي النفس حاجة لا يرويها المال، ولا رفعة المكان، ولا المتع، ولا الشهرة ..

لا يرويها إلا الإيمان بالله عز وجل، والاطمئنان إليه والتوكل عليه .

فالله سبحانه وتعالى قد قال: ( ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ وَتَطۡمَىِٕنُّ قُلُوبُهُم بِذِكۡرِ ٱللَّهِۗ أَلَا بِذِكۡرِ ٱللَّهِ تَطۡمَىِٕنُّ ٱلۡقُلُوبُ ) الرعد: 28.

اللهم إنا نسألك يا حي .. يا قيوم ! أن تغفر لنا ذنوبنا وتستر عيوبنا وتعيننا على طاعتك، وأن تدخلنا الجنة وتجيرنا من النار.

ساهم في التعريف بأسماء الله الحسنى

انت المشاهد رقم