أثنى الله سبحانه وتعالى على ذاته العلية باسمه الشهيد في قوله: ( إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَیۡء شَهِیدٌ ) الحج: 17.

وورد اسم الله الشهيد في كتاب الله العزيز، ثماني عشرة مرة.

فربنا سبحانه وتعالى الذي لا يغيب عنه شيء، وهو الحفيظ على كل شيء، فعلمه أحاط بالاشياء.

ربنا عز وجل يشهد بالحق، وينصف المظلوم ويقتص من الظالم، سمع جميع الأصوات خفيها وجليها، وأبصر جميع الموجودات دقيقها وجليلها، صغيرها وكبيرها، أحاط علمه بكل شيء.

وربنا سبحانه وتعالى هو الذي شهد لعباده على عباده بما عملوه، فشهادته اصل الشهادات، ومبعثها واعظمها، لأنه سبحانه وتعالى لما كانت الأشياء لا تخفى عليه، كان شهيدا ً لها، أي: عالما ً بحقائقها، عالم المشاهدة لها، لانه لا تخفى عليه خافية جل جلاله.

فمن جلاله عز وجل انه شهد لنفسه بالوحدانية والقيام بالقسط، ( شَهِدَ ٱللَّهُ أَنَّهُۥ لَاۤ إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ وَٱلۡمَلَـٰۤىِٕكَةُ وَأُو۟لُوا۟ ٱلۡعِلۡمِ قَاۤىِٕمَۢا بِٱلۡقِسۡطِۚ ) آل عمران: 18.

وشهادته سبحانه وتعالى بصدق المؤمنين اذ وحدوه، وشهادته لرسله وملائكته، ( وَأَرۡسَلۡنَـٰكَ لِلنَّاسِ رَسُولاۚ وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ شَهِیدا ) النساء: 79.

وشهادته سبحانه وتعالى للمظلوم الذي لا شاهد له ولا ناصر على الظالم المعتدي، وهذه الشهادة تقتضي العون والنصرة، قال سبحانه وتعالى: ( إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَیۡء شَهِیدٌ ) الحج: 17.

والعباد يشهدون له بالوحدانية، ويقرون له بالعبودية: ( وَإِذۡ أَخَذَ رَبُّكَ مِنۢ بَنِیۤ ءَادَمَ مِن ظُهُورِهِمۡ ذُرِّیَّتَهُمۡ وَأَشۡهَدَهُمۡ عَلَىٰۤ أَنفُسِهِمۡ أَلَسۡتُ بِرَبِّكُمۡۖ قَالُوا۟ بَلَىٰ شَهِدۡنَاۤۚ ) الأعراف: 172.

حقيقة..

وشهادة العباد ورقابتهم محدودة بأوقات، ولابد ان تتوقف، فالعبد ينام ويغفل ويضعف ثم يموت، اما الله سبحانه وتعالى فرقابته دائمة تامة، وهو حي لا يموت، ( وَكُنتُ عَلَیۡهِمۡ شَهِیدا مَّا دُمۡتُ فِیهِمۡۖ فَلَمَّا تَوَفَّیۡتَنِی كُنتَ أَنتَ ٱلرَّقِیبَ عَلَیۡهِمۡۚ وَأَنتَ عَلَىٰ كُلِّ شَیۡء شَهِیدٌ ) المائدة: 117.

وشهادة الله عز وجل اعظم شهادة، فشهادته شهادة حضور ومعاينة ولا يخفى عليه شيء من جوانب الحقيقة، كما يحدث للبشر، فمن شهد الله له فهو حسبه ولا يحتاج الى شهادة غيره، ( قُلۡ أَیُّ شَیۡءٍ أَكۡبَرُ شَهَـٰدَةۖ قُلِ ٱللَّهُۖ شَهِیدُۢ بَیۡنِی وَبَیۡنَكُمۡۚ وَأُوحِیَ إِلَیَّ هَـٰذَا ٱلۡقُرۡءَانُ لِأُنذِرَكُم بِهِۦ وَمَنۢ بَلَغَۚ أَىِٕنَّكُمۡ لَتَشۡهَدُونَ أَنَّ مَعَ ٱللَّهِ ءَالِهَةً أُخۡرَىٰۚ قُل لَّاۤ أَشۡهَدُۚ قُلۡ إِنَّمَا هُوَ إِلَـٰه وَ ٰحِد وَإِنَّنِی بَرِیۤء مِّمَّا تُشۡرِكُونَ ) الأنعام: 19.

وهذه الشهادة من أعظم ما نواجه به باطل الخصوم: ( وَیَقُولُ ٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ لَسۡتَ مُرۡسَلاۚ قُلۡ كَفَىٰ بِٱللَّهِ شَهِیدَۢا بَیۡنِی وَبَیۡنَكُمۡ وَمَنۡ عِندَهُۥ عِلۡمُ ٱلۡكِتَـٰبِ ) الرعد: 43.

يوم العرض:

وعندما يقدم العباد على الله عز وجل يوم القيامة يحاسبهم حساب العالم بهم، المطلع على خفاياهم، المحصي لأقوالهم واعمالهم، ( إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَیۡء شَهِیدٌ ) الحج: 17.

والمؤمن يعلم ان عمله لا يضيع عند الله، ( قُلۡ مَا سَأَلۡتُكُم مِّنۡ أَجۡر فَهُوَ لَكُمۡۖ إِنۡ أَجۡرِیَ إِلَّا عَلَى ٱللَّهِۖ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَیۡء شَهِید ) سبأ: 47.

وأما الكافر فلا يضيع من عمله شيء، وإن نسيه فالله قد احصاه: ( أَحۡصَىٰهُ ٱللَّهُ وَنَسُوهُۚ وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَیۡء شَهِیدٌ ) المجادلة: 6.

شأنك ..

من علم ان ربه سبحانه وتعالى شهيد عليه ظاهرا ً وباطنا ً، استحى ان يراه على معصية او فيما لا يحب، ومن علم ان الله يراه احسن عمله وعبادته وأخلص فيها حتى يصل لمقام الاحسان، وهو اعلى مقامات الطاعة الذي قال عنه الحبيب صلى الله عليه وسلم: ” ان تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك ” اخرجه البخاري ومسلم.

إذا ما خلقت الدهر يوما فلا تقل خلوت ولكن قل علي رقيب 

ولا تحسبن الله يغفل ساعة ولا أن ما يخفى عليه يغيب 

وشأن المؤمنين: أن يستحضروا مشاهدة الله لهم في كل عمل يعملونه؛ دق أو جل، والله يقول: ( وَمَا یَعۡزُبُ عَن رَّبِّكَ مِن مِّثۡقَالِ ذَرَّة فِی ٱلۡأَرۡضِ وَلَا فِی ٱلسَّمَاۤءِ وَلَاۤ أَصۡغَرَ مِن ذَ ٰلِكَ وَلَاۤ أَكۡبَرَ إِلَّا فِی كِتَـٰب مُّبِینٍ ) يونس: 61.

بعث النبي معاذا ً إلى اليمن، فقال: يا رسول الله أوصني؟ فقال: ” عليك بتقوى الله ما استطعت، وذكر الله لك عند كل حجر وشجر ” حديث صحيح، رواه أحمد.

قال ابن القيم : إن في دوام الذكر في الطريق والبيت والحضر والسفر والبقاع تكثيرا ً لشهود العبد يوم القيامة، ( یَوۡمَىِٕذ تُحَدِّثُ أَخۡبَارَهَا ) الزلزلة: 4، ( وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ شَهِیدا ) النساء: 79.

وقيل: من راقب الله في خواطره؛ عصمه في حركات جوارحه.

ثم إذا نظرت إلى السبعة الذين يظلهم الله يوم القيامة؛ وجدت أن المشترك بينهم أنهم: آمنوا بأن الله شهيد عليهم، ونظروا إلى حالهم فعبدوه كأنه يراهم، فنالوا المنزلة.

اللهم يا شهيد نسألك أن تغفرلنا وترحمنا وتتجاوزعنا؛ يا أرحم الراحمين.

ساهم في التعريف بأسماء الله الحسنى

انت المشاهد رقم