عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: أصاب رجلا ً حاجة فخرج إلى البرية فقالت امرأته: اللهم! ارزقنا ما نعتجن وما نختبز.

فجاء الرجل والجفنة ملأى عجينا ً وفي التنور جنوب الشواء، والرحى تطحن، فقال: من أين هذا ؟ قالت: من رزق الله، فكنس ما حول الرحى.

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” لو تركها لدارت – او قال: طحنت – إلى يوم القيامة ” حديث صحيح، رواه الطبراني في المعجم الأوسط.

هذه رسالة إلى من حل به الهم وضعف حاله وسئم عيشه وضاق ذرعا ً بالايام، وذاق حرارة الغصص، أبشرك بأن هناك فتحا ً قريبا ً ونصرا ً مبينا ً وفرجا ً بعده شدة، وتيسيرا بعد عسر، وقوة بعد ضعف، ( وَعۡدَ ٱللَّهِۖ لَا یُخۡلِفُ ٱللَّهُ وَعۡدَهُۥ ) الروم: 6 .

نعيش مع اسم من أسماء الله تعالى: المتين جل جلاله.

( إِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلرَّزَّاقُ ذُو ٱلۡقُوَّةِ ٱلۡمَتِینُ ) الذاريات: 58.

فربنا سبحانه وتعالى المتين: أي الشديد القوي.

قد تناهى عز وجل في القوة والقدرة فهو شيدد القوة، لا تنقطع قوته، ولا تلحقه في أفعاله مشقة، ولا يمسه لغوب، فله العزة جميعا ً وهو الغالب على أمره وهو القادر الذي لا يلحقه عجز.

أين هم ؟؟

وقد حكى الله لنا وهو المتين سبحانه: عن أمم عتت عن أمره ورسله، بل وادعت القوة والقهر، فحاسبها حسابا ً شديدا ً : ( فَأَمَّا عَاد فَٱسۡتَكۡبَرُوا۟ فِی ٱلۡأَرۡضِ بِغَیۡرِ ٱلۡحَقِّ وَقَالُوا۟ مَنۡ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةًۖ أَوَلَمۡ یَرَوۡا۟ أَنَّ ٱللَّهَ ٱلَّذِی خَلَقَهُمۡ هُوَ أَشَدُّ مِنۡهُمۡ قُوَّةۖ وَكَانُوا۟ بِـَٔایَـٰتِنَا یَجۡحَدُونَ ) فصلت: 15.

فكانت العاقبة كما قال سبحانه وتعالى: ( فَأَصۡبَحُوا۟ لَا یُرَىٰۤ إِلَّا مَسَـٰكِنُهُمۡۚ كَذَ ٰلِكَ نَجۡزِی ٱلۡقَوۡمَ ٱلۡمُجۡرِمِینَ ) الأحقاف: 25 .

أين الملوك ومن بالارض قد عمروا قد فارقوا ما بنو فيها وما عمروا 

وأصبحوا رهن قبر بالذي عملوا عادوا رميما ً به من بعد دثروا 

أين العساكر ما ردت وما نفعت أين ما جمعوا فيها وما ادخروا 

أتاهم أمر رب العرش في عجل لم ينجهم منه أموال ولا نصروا 

أمنيتك تتحقق ..

فالعبد المؤمن الحق يعلم: أن الله قوي متين، وان الله على كل شيء قدير، يحقق الاماني ويجعل البعيد قريبا ً والحلم حقيقة.

وهذا إبراهيم عليه السلام يأتي بأهله إلى واد غير ذي زرع، فيسكن المرأة الضعيفة والطفل الصغير في هذا الوادي، فيقول متوكلا ً واثقا ً بقوة الله، ( رَّبَّنَاۤ إِنِّیۤ أَسۡكَنتُ مِن ذُرِّیَّتِی بِوَادٍ غَیۡرِ ذِی زَرۡعٍ عِندَ بَیۡتِكَ ٱلۡمُحَرَّمِ ) ربي ! قربتهم من بابك، وقطعت رجاءهم من دونك: ( رَبَّنَا لِیُقِیمُوا۟ ٱلصَّلَوٰةَ ) ، ربي ليقوموا بخدمتك، فأنت أولى بهم مني ومنهم، ( فَٱجۡعَلۡ أَفۡـِٔدَة مِّنَ ٱلنَّاسِ تَهۡوِیۤ إِلَیۡهِمۡ ) إبراهيم: 37، فذلل العباد لهم إذا احتاجوا الى شيء، إنك على كل شيء قدير. 

فإذا كنت ضعيفا ً وربك قوي متين، فلا تخف ! فأنت عبد قوي وعبد متين، فمن توكل على الله كفاه، ومن استغنى بالله أغناه، والله جل جلاله يغار أن يتعلق قلب المؤمن بغيره، وأن يعتمد على غيره، أو ينقاد إلى غيره، أو يريق ماء وجهه إلى غيره.

وقصة يوسف من أحسن القصص وأوضحها وأبينها، لما فيها من أنواع التنقلات من حال إلى حال، ومن محنة إلى منحة ومنة، ومن ذل إلى عز، ومن رق إلى ملك، ومن فرقة وشتات إلى اجتماع وائتلاف، ومن حزن إلى سرور، ومن رخاء إلى جدب إلى رخاء، ومن إنكار إلى قرار.

ثم لا تشك القوي إلى الضعيف.

وإذا شكوت إلى ابن آدم إنما تشكو الرحيم إلى الذي لا يرحم

فالقوة: أن تتمسك بالله عز وجل دون غيره افرادا ً وأمما ً، إما ترى إلى حالة الأمة الاسلامية عندما تخلت عن اعتمادها على الله، وعلقت آمالها بعدوها ؟ سقطوا عند الله وسقطوا في أعين أعدائهم، فهم في ذل وخسارة، ولن تعود إليهم العزة والمنعة حتى يتعلقوا بالله القوي المتين وحده لا شريك له.

قال الله تعالى: ( كَتَبَ ٱللَّهُ لَأَغۡلِبَنَّ أَنَا۠ وَرُسُلِیۤۚ إِنَّ ٱللَّهَ قَوِیٌّ عَزِیز ) المجادلة: 21 .

اللهم ! إنا نسألك باسمك المتين، أن تغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين.

ساهم في التعريف بأسماء الله الحسنى

انت المشاهد رقم