قيل لأحد الحكماء: ما لك تدمن امساك العصا ولست بكبير ولا مريض؟ فقال: لأذكر اني مسافر.

حملت العصا لا الضعف اوجب حملها عليّ ولا اني تحنيت من كبر 

ولكنني ألزمت نفسي حملها لأعلمها ان المقيم على سفر 

اعلن للمسافر انه: ليس لك اقامة في هذه الدنيا فلا تركن اليها، والاعلان في قوله عز وجل: ( إِنَّا نَحۡنُ نَرِثُ ٱلۡأَرۡضَ وَمَنۡ عَلَیۡهَا وَإِلَیۡنَا یُرۡجَعُونَ ) مريم: 40.

فالله هو الوارث جل جلاله.

نقف مع اسمه عز وجل (الوارث) نذكر أنفسنا لعل الله يرحمنا.

قال سبحانه وتعالى: ( وَإِنَّا لَنَحۡنُ نُحۡیِۦ وَنُمِیتُ وَنَحۡنُ ٱلۡوَ ٰرِثُونَ ) الحجر: 23.

فربنا سبحانه وتعالى الباقي بعد فناء كل الخلائق، الوارث لجميع الاشياء بعد زوال كل من في الارض والسماوات الطوابق.

وربنا الوارث عز وجل بلا توريث أحد، الباقي ليس لملكه مد، قال سبحانه وتعالى: ( إِنَّا نَحۡنُ نَرِثُ ٱلۡأَرۡضَ وَمَنۡ عَلَیۡهَا وَإِلَیۡنَا یُرۡجَعُونَ ) مريم: 40.

وربنا سبحانه وتعالى لم يزل مالكا ً لأصول الاشياء كلها، يورثها من يشاء، ويستخلف فيها من احب، قال الله تعالى: ( إِنَّ ٱلۡأَرۡضَ لِلَّهِ یُورِثُهَا مَن یَشَاۤءُ مِنۡ عِبَادِهِۦۖ وَٱلۡعَـٰقِبَةُ لِلۡمُتَّقِینَ ) الأعراف: 128.

وربنا سبحانه وتعالى الذي يورث المؤمنين ديار الكافرين في الدنيا ومساكنهم في الاخرة.

اما الدنيا: فالله سبحانه وتعالى قال: ( وَأَوۡرَثَكُمۡ أَرۡضَهُمۡ وَدِیَـٰرَهُمۡ وَأَمۡوَ ٰلَهُمۡ وَأَرۡضا لَّمۡ تَطَـُٔوهَاۚ ) الاحزاب: 27، وأما الاخرة، فالله سبحانه وتعالى قال: ( تِلۡكَ ٱلۡجَنَّةُ ٱلَّتِی نُورِثُ مِنۡ عِبَادِنَا مَن كَانَ تَقِیّا ) مريم: 63، وقال سبحانه وتعالى: ( وَنَزَعۡنَا مَا فِی صُدُورِهِم مِّنۡ غِلّ تَجۡرِی مِن تَحۡتِهِمُ ٱلۡأَنۡهَـٰرُۖ وَقَالُوا۟ ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ ٱلَّذِی هَدَىٰنَا لِهَـٰذَا وَمَا كُنَّا لِنَهۡتَدِیَ لَوۡلَاۤ أَنۡ هَدَىٰنَا ٱللَّهُۖ لَقَدۡ جَاۤءَتۡ رُسُلُ رَبِّنَا بِٱلۡحَقِّۖ وَنُودُوۤا۟ أَن تِلۡكُمُ ٱلۡجَنَّةُ أُورِثۡتُمُوهَا بِمَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ ) الاعراف: 43.

وكتاب الله عز وجل: كتاب الهداية والعز والفلاح، يورثه من اصطفاهم واجتباهم لكرامته، قال سبحانه وتعالى: ( ثُمَّ أَوۡرَثۡنَا ٱلۡكِتَـٰبَ ٱلَّذِینَ ٱصۡطَفَیۡنَا مِنۡ عِبَادِنَاۖ فَمِنۡهُمۡ ظَالِم لِّنَفۡسِهِۦ وَمِنۡهُم مُّقۡتَصِد وَمِنۡهُمۡ سَابِقُۢ بِٱلۡخَیۡرَ ٰتِ بِإِذۡنِ ٱللَّهِۚ ذَ ٰلِكَ هُوَ ٱلۡفَضۡلُ ٱلۡكَبِیرُ ) فاطر: 32.

ملك الحقيقي ..

وكون المؤمن مستخلفا ً وذاهبا ً الى ربه، فمن كرم الله على المؤمن، انه أمره بالانفاق مما وهبه الله له، مع انه من خالص ملكه سبحانه وتعالى، ثم وعده بالاجر الكبير، فقال سبحانه وتعالى: ( ءَامِنُوا۟ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦ وَأَنفِقُوا۟ مِمَّا جَعَلَكُم مُّسۡتَخۡلَفِینَ فِیهِۖ فَٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ مِنكُمۡ وَأَنفَقُوا۟ لَهُمۡ أَجۡر كَبِیر ) الحديد: 7، وقال سبحانه وتعالى: ( وَمَا لَكُمۡ أَلَّا تُنفِقُوا۟ فِی سَبِیلِ ٱللَّهِ وَلِلَّهِ مِیرَ ٰثُ ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۚ ) الحديد: 10، فالملك الحقيقي ما ادخره العبد ليوم الميعاد.

في صحيح مسلم عن مطرف عن أبيه عبد الله بن الشخير رضي الله عنه قال: اتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقرأ: ( أَلۡهَىٰكُمُ ٱلتَّكَاثُرُ ) التكاثر: 1، قال: ” يقول ابن آدم: مالي.. مالي ! وهل لك يا ابن ادم من مالك الا ما أكلت وأفنيت، او لبست فأبليت، او تصدقت فأمضيت ؟ “

والمؤمن علم ان يده يد أمانة، وما تحت يده ودائع والله ينظر كيف يعمل.

وما المال والأهلون الا وديعة ولا بد يوما ً أن ترد الودائع

من وحي الدعاء ..

ثم اعلم ان التوسل الى الله بهذا الاسم داخل في عموم قوله سبحانه وتعالى: ( وَلِلَّهِ ٱلۡأَسۡمَاۤءُ ٱلۡحُسۡنَىٰ فَٱدۡعُوهُ بِهَاۖ ) الاعراف: 180، ولا سيما بمراعاة المناسبة بين المطلوب والاسم المذكور، كما في دعاء نبي الله زكريا عليه السلام: ( وَزَكَرِیَّاۤ إِذۡ نَادَىٰ رَبَّهُۥ رَبِّ لَا تَذَرۡنِی فَرۡدا وَأَنتَ خَیۡرُ ٱلۡوَ ٰرِثِینَ ) الانبياء: 89، وقال: ( فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا (5) يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا (6) ) مريم: 5 – 6.

والإرث المذكور هنا: انما هو إرث علم ونبوة ودعوة الى الله عز وجل، لا إرث مال، ومثل هذا الارث المبارك، ما ورد في قوله سبحانه وتعالى: ( وَوَرِثَ سُلَیۡمَـٰنُ دَاوُۥدَۖ ) النمل: 16.

وصح عنه صلى الله عليه وسلم انه كان يقول: ” اللهم أمتعني بسمعي وبصري واجعلهما الوارث مني ” حديث صحيح، رواه الحاكم في المستدرك.

وأشار العلماء عند هذا الاسم ان العبد ينبغي ان يتقي الله سبحانه وتعالى في حقوق الارث، فلا يظلم من الورثة احدا ً.

اللهم ! انا نسألك باسمك الوارث: ان تمتعنا بأسماعنا وأبصارنا، وتجعلها الوارث منا.

ساهم في التعريف بأسماء الله الحسنى

انت المشاهد رقم