وادي الفلاح :
والقرآن: كلام الله سبحانه وتعالى وهو: ( قُرۡءَان مَّجِید ) البروج: 21، شريف كريم عظيم، واسع الخير والفضل والكرم.
وقد مجد الله عز وجل نفسه في قرآنه المجيد، فكانت أعظم آياته تلك التي احتوت على الثناء عليه وذكر صفاته، كآية الكرسي في سورة البقرة وهي اعظم آية في كتاب الله عز وجل ، وسورة الاخلاص وهي افضل سورة، حتى صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ” انها تعدل ثلث القرآن ” أخرجه مسلم.
ومن أعظم آياته ما يعظم به العبد ربه ويمجده هو: تلاوة كتابه في آناء الليل وأطراف النهار، والاستمساك به، وتدبره والعمل به علما ً وخشوعا ً وفهما ً.
ومن كان من أهل القرآن كان من اهل الله الذين هم أهله وخاصته، صح عنه صلى الله عليه وسلم انه قال: ” ان الله يرفع بهذا الكتاب أقواما ً، ويضع به آخرين ” أخرجه مسلم.
لقى عمر بن الخطاب نافع بن الحارث بعسفان، وكان عمر يستعمله على مكة فقال: من استعملت على اهل الوادي؟ فقال: ابن أبزي، قال: ومن ابن أبزي؟ قال: مولى من موالينا، قال: فاستخلفت عليهم مولى؟ قال: انه قارئ لكتاب الله عز وجل وإنه عالم بالفرائض.
قال عمر: اما إن نبينا صلى الله عليه وسلم قد قال: ” ان الله يرفع بهذا الكتاب أقواما ً، ويضع به آخرين ” أخرجه مسلم.
فالمجد لمن أخذ به وعمل به، والذل لمن اعرض عنه.
ومما يمجد به الرب سبحانه وتعالى: حسن الثناء عليه، تحميدا ً وتكبيرا ً وتسبيحا ً وتهليلا ً، ومن لازم ذلك فاز بخيري الدنيا والآخرة.
أخرج البخاري في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” ان لله ملائكة يطوفون في الطرق يلتمسون أهل الذكر، فإذا وجدوا قوما ً يذكرون الله تنادوا: هلموا الى حاجتكم! فيحفونهم بأجنحتهم الى السماء الدنيا.
فيسألهم ربهم وهو أعلم منهم: ما يقول عبادي ؟ قالوا: يقولون: يسبحونك ويكبرونك ويحمدونك ويمجدونك.
فيقول: هل رأوني ؟ فيقولون: لا والله ما رأوك ؟
فيقول: وكيف لو رأوني؟ يقولون: لو رأوك كانوا أشد لك عبادة وأشد لك تمجيدا ً وتحميدا ً، وأكثر لك تسبيحا ً.
يقول: فما يسألوني؟ يقولون: يسألونك الجنة.
يقول: وهل رأوها؟ يقولون: لا والله يا رب ما رأوها.
يقول: فكيف لو أنهم رأوها؟ يقولون: لو أنهم رأوها كانوا أشد عليها حرصا ً وأشد لها طلبا ً، وأعظم فيها رغبة.
قال: فممّ يتعوذون؟ يقولون من النار.
يقول: وهل رأوها؟ يقولون: لا والله يا رب ما رأوها.
يقول: فكيف لو رأوها؟ يقولون: لو أنهم رأوها كانوا أشد منها فرارا ً وأشد لها مخافة.
فيقول: فأشهدكم أني قد غفرت لهم!
يقول ملك من الملائكة: فيهم فلان ليس منهم، إنما جاء لحاجة !
قال: هم الجلساء لا يشقي بهم جليسهم “
وإذا كان جليسهم لا يشقى، فكيف الشأن بهم ؟