لازم باب مولاك المبين، وتعزز بالمولى العزيز العليم، وتوسل إليه بطاعته، يتفضل عليك بنعمته.
ان اطعته أكرمك وفضلك، وإن ضيعت ما مضى رحمك وامهلك وان تبت وانبت قبلك، وان عصيت وأسأت سترك.
القلوب لا تحيا الا بنسيم اقباله، ولا تنهمر الدموع إلا من خوف هجره او طمع في وصاله.
وصدق من قال: والله! ما أوحش الطريق لمن لم يكن الله مؤمنه، وما اضل الطريق لمن م يكن الله دليله.
فما أحوجنا الى طريق باب الله المبين، ليتضح لنا السير إليه.
ندلف هنا الى انوار اسم من أسماء الله عز وجل وهو (المبين) جل جلاله.
فالله تعالى قد قال عن نفسه مثنيا ً: ( یَوۡمَىِٕذ یُوَفِّیهِمُ ٱللَّهُ دِینَهُمُ ٱلۡحَقَّ وَیَعۡلَمُونَ أَنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلۡحَقُّ ٱلۡمُبِینُ ) النور: 25.
وبيان الشيء ظهوره ووضوحه.
فربنا عز وجل المبين لكل العالمين، المبين أمره في وجوده ووحدانيته، وأنه لا شريك له في ربوبيته وألوهيته وأسمائه وصفاته.
وربنا عز وجل الذي بيّن لعباده سبيل الرشاد، وأوضح لهم الاعمال التي يستحقون الثواب على فعلها، والاعمال التي يستحقون العقاب عليها، ويوم القيامة يزول الشك فيه عن اهل النفاق، الذين كانوا فيما بعدهم في الدنيا يمترون.
وصفه البيان: من اعظم صفات الله سبحانه وتعالى.
وقد جاء البيان عن طريقين:
الأول: بما انزله عز وجل في كتبه المنزلة على رسله وما أوحاه الى رسله وأنبيائه: ( قَدۡ جَاۤءَكُم مِّنَ ٱللَّهِ نُور وَكِتَـٰب مُّبِین ) المائدة: 15.
والثاني: بآياته التي خلقها دالة عليه: ( إِنَّ فِی خَلۡقِ ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَٱخۡتِلَـٰفِ ٱلَّیۡلِ وَٱلنَّهَارِ لَـَٔایَـٰت لِّأُو۟لِی ٱلۡأَلۡبَـٰبِ ) آل عمران: 190.
وفي كل شيء له آية تدل على انه الواحد
وكما كان القرآن، كذلك رسل الله عليهم السلام كانوا مبينين، فالله عز وجل قد قال على لسان نوح: ( إِنۡ أَنَا۠ إِلَّا نَذِیر مُّبِین ) الشعراء: 115، وأمر نبيه ان يقول: ( إِن یُوحَىٰۤ إِلَیَّ إِلَّاۤ أَنَّمَاۤ أَنَا۠ نَذِیر مُّبِینٌ ) ص: 70.
وقد اخبر الله عز وجل العباد في كتبه وعلى ألسنة رسله في الدنيا بأن الذي اختلفوا فيه في الدنيا سيبينه لهم يوم القيامة، فقال سبحانه وتعالى: ( وَلَیُبَیِّنَنَّ لَكُمۡ یَوۡمَ ٱلۡقِیَـٰمَةِ مَا كُنتُمۡ فِیهِ تَخۡتَلِفُونَ ) النحل: 92.
ومن تبين له الحق فصد عنه كان جزاءه العذاب الأليم، قال سبحانه وتعالى: ( فَإِن زَلَلۡتُم مِّنۢ بَعۡدِ مَا جَاۤءَتۡكُمُ ٱلۡبَیِّنَـٰتُ فَٱعۡلَمُوۤا۟ أَنَّ ٱللَّهَ عَزِیزٌ حَكِیمٌ ) البقرة: 209.
وكذا من كتم الحق عرض نفسه للعنة، فالله عز وجل قد قال: ( إِنَّ ٱلَّذِینَ یَكۡتُمُونَ مَاۤ أَنزَلۡنَا مِنَ ٱلۡبَیِّنَـٰتِ وَٱلۡهُدَىٰ مِنۢ بَعۡدِ مَا بَیَّنَّـٰهُ لِلنَّاسِ فِی ٱلۡكِتَـٰبِ أُو۟لَـٰۤىِٕكَ یَلۡعَنُهُمُ ٱللَّهُ وَیَلۡعَنُهُمُ ٱللَّـٰعِنُونَ ) البقرة: 159.