وقفة .. في ظلال اسم المؤمن :
قال أهل العلم، المؤمن له معنيان:
أولهما: التصديق، وأعظم تصديق منذ ان خلق الله الخليقة إلى ان تقوم الساعة: تصديق الله عز وجل لنفسه وشهادته لنفسه بالوحدانية وانفراده بالعبودية، وبما أثنى على نفسه به من الكمال والصفات العلية، قال الله سبحانه وتعالى عن نفسه ( شَهِدَ ٱللَّهُ أَنَّهُۥ لَاۤ إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ ) آل عمران: 18، فهذه من أجل الشهادات الصادرة من الملك العظيم وهو الله رب العالمين، على اعظم واجل مشهود به، وهو توحيد الله عز وجل وإخلاص الدين له وقيامه بالقسط.
وأشهد ان الله لا رب غيره كريم رحيم يرتجى ويؤمل
وهو سبحانه وتعالى الذي يصدق قوله ويصدق وعده: ( وَمَنۡ أَصۡدَقُ مِنَ ٱللَّهِ قِیلا ) النساء: 128.
وصدق أنبياءه بإظهار الآيات الباهرة على أيديهم: ( قَدۡ جِئۡتُكُم بِـَٔایَة مِّن رَّبِّكُمۡ ) آل عمران: 49، ( وَأَتَیۡنَـٰكَ بِٱلۡحَقِّ وَإِنَّا لَصَـٰدِقُونَ ) الحجر: 64.
ويصدق عباده ما وعدهم به من النصر في الدنيا، والتمكين في الارض ومن الثواب في الآخرة، قال عز وجل: ( ثُمَّ صَدَقۡنَـٰهُمُ ٱلۡوَعۡدَ فَأَنجَیۡنَـٰهُمۡ وَمَن نَّشَاۤءُ وَأَهۡلَكۡنَا ٱلۡمُسۡرِفِینَ ) الأنبياء: 9.
ويصدق الكفار ما وعدهم من العقاب والخذلان في الدنيا والآخرة، قال سبحانه وتعالى ( وَنَادَىٰۤ أَصۡحَـٰبُ ٱلۡجَنَّةِ أَصۡحَـٰبَ ٱلنَّارِ أَن قَدۡ وَجَدۡنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقّا فَهَلۡ وَجَدتُّم مَّا وَعَدَ رَبُّكُمۡ حَقّاۖ قَالُوا۟ نَعَمۡۚ فَأَذَّنَ مُؤَذِّنُۢ بَیۡنَهُمۡ أَن لَّعۡنَةُ ٱللَّهِ عَلَى ٱلظَّـٰلِمِینَ ) الأعراف: 44.
وأخبار الله عز وجل صدق كلها.
وإني بك اللهم ربي لواثق وما لي بباب غير بابك مدخل
والله سبحانه وتعالى يحب الصادقين في وعدهم وخبرهم: ( ٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَ وَكُونُوا۟ مَعَ ٱلصَّـٰدِقِینَ ) التوبة: 119.
وثانيهما: الأمان، وهو ضد الاخافة، ( وَءَامَنَهُم مِّنۡ خَوۡفِۭ ) قريش: 4.
فالناس بين خوف من الداء او نقص في الدواء، او تسلط الاعداء او فقر منس، او موت مجهز، فتراهم يبحثون عن الامن في تأمين الطعام ويقيمون القلاع والحصون ويقيمون المشافي ويبنون السدود، والضعفاء من الأفراد والدول قد يلجؤون إلى الأقوياء طلبا ً للأمن.
وفي لحظات تنهار هذه القوى وتنكشف الأمور ولا يبقى مع هؤلاء إلا الالتجاء الى المؤمن سبحانه وتعالى، واهب الأمن لعباده، فروا منه ثم عادوا إليه، خالقهم وخالق الكون اجمع، مهيمن على كل شيء، نواصي العباد بيده.
فإذا وقع عذاب الله عز وجل بقوم، فلا يوجد من يؤمنهم منه، ولا طاقة للبشر في دفعه: ( ءأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ (16) أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ (17) ) الملك: 16 – 17.