إنه قريب ..
لا ترفع صوتك بالدعاء! فهو قريب يسمعك..
سمع صلى الله عليه وسلم الصحابة رضي الله عنهم وهم يدعون ربهم بأصوات جهيرة مرتفعة، فقال: ” أيها الناس! اربعوا على أنفسكم، فإنكم لا تدعون أصم ولا غائبا ً، ولكن تدعون سميعا ً بصيرا ً ” اخرجه البخاري ومسلم.
والله مطلع على ما في نفسك وعلى خواطرك، تدعوه في قلبك، فيستجيب.. انه القريب سبحانه وتعالى: ( إِذۡ نَادَىٰ رَبَّهُۥ نِدَاۤءً خَفِیّا ) مريم: 3.
تذكره في نفسك فيسمعك ويذكرك، فإنه القريب سبحانه وتعالى.
وفي الحديث القدسي المتفق عليه: ” إن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم “.
وما من إنسان إلا وله منحة من الله القريب جل جلاله، في تفريج هم او تنفيس كرب او دفع ضرر، او منع خطر، او نيل محبوب، او حصول مطلوب.
فباب الله القريب مفتوح، وعطاؤه ممنوح، وكرمه عظيم وجوده كبير، فكم من حاجة قضيت، ومن دعوة قبلت، ومن بركة نزلت، ورحمة غشيت ؟؟
ثوب الافتقار ..
فإذا علمت بقرب الله عز وجل وأنه مطلع على سريرتك، يسمع دعاءك ويرى مكانك ويعلم ما في قلبك، فكن من المحسنين، ( إِنَّ رَحۡمَتَ ٱللَّهِ قَرِیب مِّنَ ٱلۡمُحۡسِنِینَ ) الاعراف: 56.
وتقرب إليه، فإن تقربت منه شبرا ً تقرب إليك ذراعا ً، ففي الحديث القدسي: ” ومن تقرب إليّ شبرا ً تقربت إليه ذراعا ً، ومن تقرب إليّ ذراعا ً تقرب إليه باعا ً، وإذا أقبل إليّ يمشي أقبلت إليه أهرول ” اخرجه البخاري ومسلم واللفظ له.
والتقرب إليه يكون بالفرائض قبل النوافل: ” وما تقرب إليّ عبدي بشيء أحب إليّ مما افترضت عليه، وما يزال عبدي يتقرب إليّ بالنوافل حتى أحبه ” أخرجه البخاري.
وكلما كمل العبد في مراتب العبودية كان أقرب إلى الله عز وجل وكلما تذلل لله وانطرح بين يديه ومرغ أنفه وعفر لوجهه لربه ومحبوبه، زاد قربه من ربه، وارتفع شأنه، صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: ” أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد، فأكثروا من الدعاء ” أخرجه مسلم.
فالسجود فيه: أعظم دلائل الإجلال، واقصى درجات العبودية، وأجل مظاهر التذلل واجمل رسائل الحب، وأعذب مناظر الخشوع، وأفضل أثواب الافتقار ..
وبقدر سجودك لله عز وجل، تكون رفعتك عند الله، جاء عنه صلى الله عليه وسلم انه قال: ” عليك بكثرة السجود لله، فإنك لا تسجد لله سجدة إلا رفعك الله بها درجة، وحط عنها بها خطيئة ” أخرجه مسلم.
وهنا تحصل على النعيم الدائم: ( أُو۟لَـٰۤىِٕكَ ٱلۡمُقَرَّبُونَ ) الواقعة: 11، ( عَیۡنا یَشۡرَبُ بِهَا ٱلۡمُقَرَّبُونَ ) المطففين: 28.
فهنيئا ً لك بربك وبإقبالك عليه !
حتى وإن بدت السماء بعيدة إن الذي فوق السماء قريب
فارفع يديك إلى الإله مناجيا ً إن الجروح مع الدعاء تطيب
ما ضرنا بعد السماء وإن علت ما دمت يا رب السماء قريب
اللهم قلت وقولك الحق: ( وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِی عَنِّی فَإِنِّی قَرِیبٌۖ أُجِیبُ دَعۡوَةَ ٱلدَّاعِ إِذَا دَعَانِۖ فَلۡیَسۡتَجِیبُوا۟ لِی وَلۡیُؤۡمِنُوا۟ بِی لَعَلَّهُمۡ یَرۡشُدُونَ ) البقرة: 186.
اللهم يا قريب يا مجيب! اجب دعواتنا، وارحم ضعفنا، وفرج همنا واحسن خاتمتنا في الأمور كلها، وأجرنا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة، واغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين، يا سميع الدعاء.