لا تعجب !
فقد فصل لنا ربنا سبحانه وتعالى في كتابه القول ليعرفنا بقدرته، ( وَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِیُعۡجِزَهُۥ مِن شَیۡء فِی ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَلَا فِی ٱلۡأَرۡضِۚ إِنَّهُۥ كَانَ عَلِیما قَدِیرا ) فاطر: 44.
إذا اراد الله عز وجل ان ينصرك، امر ما لا يكون سببا ً في العادة فكان أعظم الاسباب.
وإذا أراد القدير عز وجل أن يكرمك، جعل من لا ترجو الخير منه هو سبب اعظم العطايا التي تنالك.
وإذا اراد القادر عز وجل ان يصرف عنك السوء، جعلك لا ترى السوء، أو جعل السوء لا يعرف لك طريقا ً.
وإذا اراد عز وجل ان يعصمك من معصية، جعلك تبغضها، او جعلها صعبة المنال منك، او اوحشك منها، او جعلك تقدم عليها فيأتي عارض فيصرفك عنها.
فما أحرانا ان نطرق باب القدير عز وجل !
إبراهيم الخليل عليه السلام يسلم أهله لربه عز وجل، فيدعو: ( وَٱرۡزُقۡهُم مِّنَ ٱلثَّمَرَ ٰتِ لَعَلَّهُمۡ یَشۡكُرُونَ ) ابراهيم: 37، فكانت مكة حنين القلوب على مدار العصور.
وهذا سليمان عليه السلام يدعو: ( رَبِّ هَبۡ لِی حُكۡما وَأَلۡحِقۡنِی بِٱلصَّـٰلِحِینَ ) الشعراء: 83، فملكه الله عز وجل رقاب الجن.
ويونس عليه السلام في ظلمة الليل والبحر وفي بطن الحوت يدعو: ( لَّاۤ إِلَـٰهَ إِلَّاۤ أَنتَ سُبۡحَـٰنَكَ إِنِّی كُنتُ مِنَ ٱلظَّـٰلِمِینَ ) الأنبياء: 87، فيصبح بطن الحوت له وعاء.
وكان من دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” اللهم! اني استخيرك بعلمك وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك، فإنك تقدر ولا أقدر ” أخرجه البخاري.
وقدرة الله عز وجل يستعاذ بها من كل شر وأذى، ففي الدعاء الذي علمه المصطفى صلى الله عليه وسلم للمريض: ” أعوذ بعزة الله وقدرته من شر ما أجد، سبع مرات ” رواه مسلم.
وقول الله عز وجل: ( وَٱللَّهُ قَدِیرۚ وَٱللَّهُ غَفُور رَّحِیم ) الممتحنة: 7، إشارة الى ان مغفرته عز وجل ورحمته لعباده عن كمال القدرة، فلا يتعاظم عليه ذنب أن يغفره، ولا يكبر عليه عيب أن يستره، ولا رحمة ان يوصلها.
فليس كل من له قدرة وقوة يغفر ويرحم من قدر عليه.
وليس كل من يغفر ويرحم له قدرة، فهو سبحانه وتعالى مع كمال قدرته إلا أنه غفور رحيم.