في ظلال اسميه: القابض والباسط:
فربنا سبحانه وتعالى الذي يبسط الرزق لمن يشاء من عبده حتى لا تبقى فاقة، ويقبضه عمن يشاء حتى لا تبقى طاقة، بكمال القدرة والعدل، على حسب ما تقتضيه حكمته، وما يليق بأحوال عباده، واذا زاده سبحانه لم يزده سرفا ً ولا خرقا ً، واذا نقصه لم ينقصه عدما ً ولا بخلا ً، فالله سبحانه وتعالى قد قال: ( ۞ وَلَوۡ بَسَطَ ٱللَّهُ ٱلرِّزۡقَ لِعِبَادِهِۦ لَبَغَوۡا۟ فِی ٱلۡأَرۡضِ وَلَـٰكِن یُنَزِّلُ بِقَدَر مَّا یَشَاۤءُۚ إِنَّهُۥ بِعِبَادِهِۦ خَبِیرُۢ بَصِیر ) الشورى: 27.
وفي الحديث: لما غلت الاسعار في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم طلب الصحابة رضي الله عنهم من رسول الله صلى الله عليه وسلم ان يحدد الاسعار، فقالوا: يا رسول اللهّ غلا السعر، فسعّر لنا؟ فقال: ” ان الله هو المسعر القابض الباسط الرازق ” حديث صحيح، رواه ابن ماجة.
وربنا سبحانه وتعالى يقبض الصدقات من الاغنياء ويبسط الارزاق للضعفاء، يقبض الصدقات فيربيها ويبسط النعم ويهيئها.
وربنا سبحانه وتعالى يقبض الأرواح عن الاجساد عند الممات ويبسط الارواح فيها عند الحياة.
وربنا سبحانه وتعالى يقبض القلوب، فيضيقها حتى تصير حرجا ً كأنما تصعد في السماء، ويبسطها بما يفيض عليها من معاني بره ولطفه وجماله، فتبقى منشرحة، فالله عز وجل قال: ( فَمَن یُرِدِ ٱللَّهُ أَن یَهۡدِیَهُۥ یَشۡرَحۡ صَدۡرَهُۥ لِلۡإِسۡلَـٰمِۖ وَمَن یُرِدۡ أَن یُضِلَّهُۥ یَجۡعَلۡ صَدۡرَهُۥ ضَیِّقًا حَرَجا كَأَنَّمَا یَصَّعَّدُ فِی ٱلسَّمَاۤءِۚ كَذَ ٰلِكَ یَجۡعَلُ ٱللَّهُ ٱلرِّجۡسَ عَلَى ٱلَّذِینَ لَا یُؤۡمِنُونَ ) الأنعام: 125.
وربنا سبحانه وتعالى يقبض ويبسط بيديه الكريمتين على الحقيقة وعلى الكيفية التي تليق بجلاله وكماله لمن شاء من الخليقة، فمن ذلك الارض والسماوات العلى.
فالله سبحانه وتعالى قال: ( وَٱلۡأَرۡضُ جَمِیعا قَبۡضَتُهُۥ یَوۡمَ ٱلۡقِیَـٰمَةِ وَٱلسَّمَـٰوَ ٰتُ مَطۡوِیَّـٰتُۢ بِیَمِینِهِۦۚ ) الزمر: 67، وصح عنه صلى الله عليه وسلم انه قال: ” يأخذ الله عز وجل سماواته وأرضيه بيديه، فيقول: انا الله – ويقبض اصابعه ويبسطها – انا الملك ” أخرجه مسلم.
والله جل جلاله ربنا يبسط يده بالتوبة لمن اساء، فصح عنه صلى الله عليه وسلم انه قال: ” ان الله يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل، حتى تطلع الشمس من مغربها ” أخرجه مسلم.
وهو سبحانه الذي يملي للعصاة فيجعلهم بين الخوف والرجاء.
وربنا يبسط يديه لمن سأله ودعاه في كل ليلة، صح عنه صلى الله عليه وسلم انه قال: ” .. ثم يبسط يديه عز وجل ويقول: من يقرض غير عدوم، ولا ظلوم ؟ ” اخرجه مسلم.
وربنا سبحانه وتعالى يبسط لمن يشاء في العلم والخلقة، قال تعالى: ( وَزَادَهُۥ بَسۡطَة فِی ٱلۡعِلۡمِ وَٱلۡجِسۡمِۖ ) البقرة: 247.
وربنا يقبض بيده الكريمة، فيعتق أقواما ً من النار لم يعملوا خيرا ً قط، كما جاء في الحديث الطويل: ” فيقبض قبضة من النار، فيخرج منها قوما ً لم يعملوا خيرا ً قط ” اخرجه مسلم.
وربنا يقبض ويبسط الظلال والانوار وما يترتب على ذلك من اختلاف الليل والنهار.
وهو سبحانه وتعالى يقبض بالتحريم ويبسط بالاباحة.
وهو سبحانه وتعالى يقبض قلوب العباد ويبسطها، والمؤمن يعيش بين الرجاء والخوف.
هو قابض هو باسط هو خافض هو رافع بالعدل والميزان